الوزير ورجل الدولة الدكتور غازي القصيبي، من مواليد الأحساء عام 1940م، عاش فيها سنواته الأولى، ومنها انتقل إلى البحرين حيث تلقى تعليمه الأول.
تزوج الدكتور من سيدة ألمانية تعرّف عليها في البحرين أواخر الستينات من القرن الميلادي الماضي، وأنجب منها أربعة أبناء. عاشا معًا لمدة أربعين عامًا حتى وفاته -رحمه الله- في أغسطس 2010م بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان.
تقلّد عدداً من المناصب القانونية والأكاديمية والحقائب الوزارية، أولها وزارة الصناعة والكهرباء، ثم الصحة، والمياه والكهرباء، والعمل. كما عمل سفيرًا للمملكة في مملكة البحرين وبريطانيا.
كانت آخر الحقائب الوزارية التي يتذكرها السعوديون حمله لحقيبة وزارة العمل، حيث عُرف عنه دعمه وتشجيعه للشباب السعودي وتصديه للعديد من الانتقادات التي وجهها البعض لهم. ومن أشهر تصريحاته ضد المنتقدين عبارته الشهيرة: “هل هؤلاء الذين ينتقدون الشباب هم من السويد أم من النرويج!؟” معدّدًا إنجازات السعوديين الذين بنوا إمبراطوريات من التقشف والفقر.
كان شاعراً وكاتبًا ومؤلفاً وروائيًا ذا وزن محلي ودولي. كتب العديد من الدواوين الشعرية، من أشهرها: “أشعار من جزائر اللؤلؤ”، “معركة بلا راية”، و*“أبيات غزل”. وله العديد من الروايات منها: “شقة الحرية” و“العصفورية”. ومن مؤلفاته البارزة: “الوزير المرافق” و“حياة في الإدارة”*، الذي تم اعتماده كأحد مقررات المهارات الإدارية لطلاب المرحلة الثانوية.
حفلت حياة القصيبي بالعديد من المواقف التي واجهها في حياته العملية مع بعض الملوك والمسؤولين والمواطنين، منها الطريف وبعضها عنيف. ومن أشهر هذه المواقف، موقفه مع الملك فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله- عندما أصدر ديوانه الشعري “معركة بلا راية” عام 1970م. حيث ادعى البعض احتواء الديوان على مخالفات، فأحال الملك فيصل الأمر إلى لجنة ضمّت وزير العدل ووزير المعارف ووزير الحج، وقد قررت اللجنة أن الديوان شعر عادي ولا يحتوي ما يمس الدين أو الأخلاق.
ومن المواقف المضحكة، أن أحد كتّاب صحيفة المدينة انتقد أداءه في وزارة العمل وتوظيف الشباب. فأرسل القصيبي خطابًا إلى رئيس تحرير الصحيفة ردًا على الكاتب، وكان عنوان الخطاب: “إلى المرجفين في المدينة”.
أما عن المواقف الطريفة، ففي فترة توليه حقيبة وزارة الكهرباء والصناعة، انقطع التيار الكهربائي عن أحد أحياء الرياض. وكان القصيبي يحرص كلما حدث انقطاع للكهرباء على الذهاب بنفسه إلى الشركة للرد على الشكاوى الهاتفية الواردة من المواطنين. وصادف أن تلقى اتصالاً من مواطن غاضب قال فيه: “قل لوزيرك الشاعر إنه لو ترك الشعر واهتم بعمله في خدمة المواطنين لما انقطعت الكهرباء عن الرياض”. فرد القصيبي بكل هدوء: “شكرًا وصلت الرسالة”. فسأله المواطن مستغربًا: “ماذا تعني؟”. فقال القصيبي: “أنا الوزير”. رد المواطن: “أحلف بالله”. فحلف القصيبي بالله أنه الوزير، وكانت بعدها لحظة صمت طويلة من الطرف الآخر قبل أن يُقطع الاتصال.
رحم الله الوزير الشاعر الدكتور غازي القصيبي، وأسكنه فسيح جناته.