المقالات

مناسبات الضجيج.. بين التواصل والضوضاء

إجابة الدعوة لحضور مناسبات الزواج تعد من تمام الرجولة، كما ورد في الأثر، وقد دُعيت مرات عديدة لحضور مناسبات زواج الأصدقاء والأقارب والمعارف. لكن ما لفت نظري أن مناسبات الزواج في مدينة الرياض تحمل طابعًا خاصًا ومميزًا يختلف عن غيرها من المناطق، حيث الهدوء والرقي في التنظيم.

أتذكر عندما دعاني معالي الأستاذ الدكتور بدران العمر، رئيس جامعة الملك سعود السابق، لحضور مناسبة عقد نكاح ابنته في الرياض. عند حضوري للقاعة، كان الهدوء هو السمة الأبرز؛ لا ضجيج، ولا أصوات مرتفعة، بل أجواء هادئة سمحت لي بالتحدث مع الأصدقاء والزملاء بكل أريحية. لاحظت أيضًا أن الكثير من المدعوين يهنئون أسرة العروسين ثم يغادرون بعد تناول القهوة والشاي، دون الحاجة للانتظار حتى موعد العشاء، وهو أسلوب يختلف تمامًا عما هو شائع في بعض مناطقنا، مثل مكة وجدة.

ما دفعني للكتابة اليوم هو ما نشهده في مناسبات الزواج الحديثة، حيث أصبحت هذه المناسبات فرصة للضجيج والمزامير والأصوات المرتفعة التي تستمر حتى موعد العشاء. بدلًا من أن تكون فرصة للقاء الأصدقاء والتحدث معهم، أصبحت مصدرًا للإزعاج والصداع، لدرجة تجعلنا غير قادرين على سماع من يجلس بجانبنا.

الكثير من الزملاء الذين قابلتهم في مناسبات الزواج الأخيرة يرون أن الأفضل هو تخصيص الفترة التي تسبق العشاء للتواصل بين المدعوين بهدوء ودون ضجيج. يمكن بعد ذلك بدء الأهازيج والفرق الموسيقية والألعاب الشعبية عقب تناول العشاء، ليجمع الحفل بين الجمال والتنظيم، ويحقق أهدافه في توفير أجواء مريحة للمدعوين وفرصة حقيقية للتواصل.

لعل الالتفات إلى مثل هذه الأفكار يعيد لمناسباتنا رونقها ويجعلها أكثر توازنًا بين الاحتفال والتواصل الاجتماعي.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى