المقالات

بكري عساس.. من جرّة الفول إلى تنوير العقول

مجتمعنا المعاصر مليء بالشخصيات الاجتماعية التي تتميز بالبذل والعطاء والعلم والمعرفة، غير أن معظم تلك الشخصيات منغلقة على نفسها وعلى مجتمعها رغم ما تمتلكه من مخزون معرفي وعلوم في شتى مجالات الحياة.

من بين الشخصيات الفاعلة في مجتمعنا اليوم معالي الدكتور بكري بن معتوق عساس، مدير جامعة أم القرى الأسبق، الذي بدأ حياته الاجتماعية من جرّة الفول وأنهى مسيرته الأكاديمية بتنوير العقول.

من خلال متابعتي لنشاط الدكتور بكري المعرفي، أراه قد غيّر مفهوم التقاعد لدى زملائه الأكاديميين. فما أن غربت شمسه في أروقة جامعة أم القرى حتى أشرقت أشعتها الدافئة على صروح العلم والمعرفة داخل المملكة وخارجها. أصبح معاليه أكثر عطاءً ونشاطًا وشغفًا بالقراءة والتأليف والكتابة الصحفية اليومية.

بكري الموسوعي ملهم لجيل الشباب وقدوة للأكاديميين، الذين تأثروا بقلمه وعشقوا حرفه وأعجبوا بإبداعه وطرحه. بكري الجموح صاحب الطموح، فمنذ نعومة أظفاره حمل المسؤولية وفضّل الاعتماد على نفسه رغم توفر سبل الراحة من والده التاجر الذي وفر له حياة كريمة.

في العديد من المناسبات التي يُدعى فيها الدكتور بكري ضيفًا، يذكر بعض مواقف طفولته، ومنها الذهاب مبكرًا إلى مطعم الفول والجلوس على الجرّة قبل توجهه إلى المدرسة وهو في التاسعة من عمره. ويردد العبارة التسويقية الشهيرة ” إذا فاتك الفول أنا غير مسؤول”.
رغم حلاوة النوم في ساعات الفجر، يصلي الفجر جماعة ويسابق الطيور في طلب الرزق، مما ساهم في تشكيل شخصيته القيادية حتى أصبح من أبرز علماء الاقتصاد المعرفي.

الدكتور بكري عساس عاشق للقراءة والتأليف، حتى في أسفاره نجده بين المكتبات ينهل من المعرفة. يُعد من أكثر رؤساء الجامعات إنتاجًا وتأليفًا، حيث ألف 13 كتابًا توثق سيرته الحافلة بالإنجازات العلمية والاجتماعية.
ولأنه ابن مكة البار ألّف عن مكة المدينة وكان من أبرز أعماله كتاب “معاد” عن فضل مكة المكرمة، وكتاب “إلا أن يشاء الله” الذي يوثق مواقف وذكريات تؤكد إيمانه بقضاء الله وقدره.

كما أبدع في كتابه “أعلام في حديث الذاكرة” حيث تحدث عن زملائه وأصدقائه الذين كان لهم بصمة في حياته، وكتاب “تتلمذت على أيديهم” الذي يعكس صور الوفاء لأستاذيه الذين أثروا في مسيرته. أما كتاب “أولئك آبائي” فهو تكريم للمعلم المؤثر الذي غيّر مسار حياته، حيث يدين بالفضل للدكتور “الباحاوي” الذي اكتشف مواهبه وحوّله من القسم الأدبي إلى العلمي.

أحدث إصداراته، “أفكار من الشرق والغرب”، يعكس رؤيته الفكرية العميقة. إنه بائع الفول الذي أضاء عقول الأجيال بأفكاره وتجربته الملهمة.

ختامًا، سيرة الدكتور بكري بن معتوق عساس مليئة بالدروس والعبر، فهو أستاذ زائر للعديد من الجامعات، وعضو في “موهبة” المركز العربي للموهوبين، وعضو في جمعية “آفاق التعليمية”.
وأخير ا.. إن فاتك فول بكري المعرفي، فأنا غير مسؤول!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. حسناً فكّرت وحقيقة كتبت عن د. بكرى عساس أستاذ عبدالله أحمد الزهرانى وقد وصّفت شخصية الأخ بكرى بالوصف المعرفى والأدبى والسلوكى بما هو أهل له وقدوة لأسلوب حياة للمتقاعدين من العمل العام بالذات لإثراء المجتمع بتجاربهم العملية بعد العلمية وإثراء ثقافاتهم بما أصبح متاحا فى عالم الفضاء المعرِفى المفتوح ليكونوا أعضاء فاعلين يكملوا مسيرة حياتهم لتعميق الثقافه لمن حولهم من أبناء وأحفاد ومتابعين من شرائح المجتمع المختلفه وحيث كان لى شرف مزاملة أخى د. بكرى فى فترة أوليه بعد تخرجنا من الجامعه فأنا أبصم بالعشرة على تميزه وإبداعه خُلقا وعلما وثقافة نفع الله به العباد والبلاد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى