المقالات

الأمم والتاريخ

التاريخ، هو المقياس الذي تنعكس فيه صورة الأمم، وليس مجرد سجل وسرد عابر للأحداث. هو الحقل الذي تُزرع فيه الأفكار، وتُختبر فيه المبادئ، وتُصقل فيه التجارب وهو مصدر إلهام وفهم للحكمة التي يحتاجها المجتمع وهو ضروري لكل امة تريد أن يبقى لها دور متميز في التاريخ فهو الفقه الحضاري لصواب الفعل البشري تأملك هذا يفتح الباب للتعمق أكثر في تحليل العلاقة بين الأمم والتاريخ:
1. أمة تدرسه:
هذه الأمة تدرك أن التاريخ مصدر الحكمة، فتستخلص منه العبر وتتعلم من الأخطاء. دراسة التاريخ هنا ليست ترفًا، بل واجبًا لإعادة بناء المستقبل.
2. أمة تدلسه:
هي الأمة التي تشوه الحقائق، تُعيد صياغة التاريخ بما يخدم مصالحها الآنية، فتغرق في زيفها وتضلل الأجيال القادمة، مما يجعلها تدور في حلقة مفرغة.
3. أمة تسيسه:
هنا يتحول التاريخ إلى أداة دعائية، يُستخدم لتبرير القرارات والسياسات، ويُختزل في نصوص تخدم الحاكم أو السلطة بدلًا من أن يكون ملكًا للجميع.
4. أمة تفلسفه:
هذه الأمة تتأمل التاريخ بحثًا عن المبادئ والمعاني الكبرى. ترى فيه دروسًا إنسانية تتجاوز الوقائع إلى فهم أعمق لجوهر الإنسان.
5. أمة تدنسه:
هي التي تهدم قيمها وأصالتها بإهمال تاريخها، تفرط في رموزه، أو تجعلها عرضة للسخرية أو التحقير، فتفقد بوصلتها.
6. أمة تقدسه:
تجعل من التاريخ دينًا أو عقيدة لا تقبل النقاش. تُقدّس الأبطال والأحداث بلا مراجعة أو نقد، فتعيش على أمجاد الماضي وتغفل عن تحديات الحاضر.
7. أمة تصنعه بالأفعال:
هذه الأمة هي صاحبة الحراك الحقيقي. لا تنتظر التاريخ ليُكتب عنها، بل تكتب هي التاريخ بأعمالها وإنجازاتها، تسير بخطى ثابتة نحو التغيير.
8. أمة في إجازة:
أمة بلا حراك، تتفرج على العالم وهو يتغير، تعيش على الهامش، تُفرط في حقوقها وتقبل أن تكون مجرد “مشاهد” في مشهد الأحداث.

السؤال الأعمق:
هل نحن واعون بموقعنا بين هذه التصنيفات؟
هل نستطيع أن ننتقل من أمة “تتفرج” أو “تقدس” أو “تدلس” إلى أمة “تصنع”التاريخ المشرق
لتستأنف دورها الحضاري.

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى