المقالات

عزوف الشباب والشابات عن الزواج ظاهرة مقلقة تحتاج إلى وقفة جادة

باتت ظاهرة عزوف الشباب والشابات عن الزواج ، رغم تجاوزهم سن السادسة والعشرين وامتلاكهم المؤهلات العلمية والوظيفية والمالية ، مصدر قلق اجتماعي يستوجب التأمل والنقاش. فمن غير المعقول أن نرى جيلًا يمتلك كل مقومات الاستقرار والسعادة ، ومع ذلك يختار الابتعاد عن أهم ركائز الحياة الاجتماعية: الزواج. فالزواج ليس مجرد ارتباط بين شخصين ، بل هو سنة الحياة ووسيلة لتحقيق الاستقرار النفسي والعاطفي والاجتماعي. إنه الركيزة الأساسية لبناء الأسرة ، التي هي بدورها لبنة المجتمع. فتأخير الزواج بلا أسباب مقنعة يترتب عليه عواقب سلبية تمتد إلى الفرد والمجتمع. فمن ناحية ، يفتقد الشباب والشابات فرصة الاستمتاع بحياة أسرية مستقرة في مرحلة مبكرة من حياتهم ، ومن ناحية أخرى ، يؤثر ذلك سلبًا على المجتمع من حيث ضعف النمو السكاني وتأخر تكوين الأجيال القادمة.
فمن إيجابيات الزواج المبكر
1. الاستقرار النفسي والعاطفي: الزواج يوفر بيئة داعمة تمنح الفرد شعورًا بالانتماء والتوازن النفسي.
2. تحمل المسؤولية: الزواج في سن مبكرة يدرب الشباب والشابات على تحمل المسؤوليات ويعزز من مهاراتهم الحياتية.
3. تنشئة الأطفال: تربية الأطفال في وقت مبكر تسمح للوالدين بالتواصل الفعال معهم ، مما يسهم في تنشئة أجيال واعية وقوية.
4. النمو الشخصي: الحياة الزوجية تكسب الإنسان مهارات جديدة ، مثل التعاون، التفهم ، والصبر ، مما ينعكس إيجابيًا على كافة نواحي حياته.

لماذا العزوف؟
رغم توفر كافة المقومات ، تشير الدراسات إلى وجود أسباب عديدة للعزوف عن الزواج، منها:
1. الخوف من الالتزام: يعتقد البعض أن الزواج قد يقيد حريتهم أو يفرض عليهم مسؤوليات كبيرة.
2. الأولويات المادية: يركز الكثيرون على بناء حياتهم المهنية والمالية دون إيلاء اهتمام كافٍ للحياة الاجتماعية والأسرية.
3. التغيرات الثقافية: الانفتاح على أنماط حياة مختلفة قد جعل البعض يؤجل فكرة الزواج بحثًا عن “الكمال” في شريك الحياة.
4. المبالغة في التوقعات: ارتفاع سقف التوقعات بشأن الشريك والمراسم والمظاهر قد يؤدي إلى تأخير قرار الزواج.

أيها الشباب والشابات ، إن الزواج ليس عبئًا بل نعمة وسعادة. إن بناء أسرة في عمر مبكر يمنحكم فرصة ذهبية للاستمتاع بالحياة الزوجية والأبوة والأمومة ، ويعزز من شعوركم بالإنجاز والمسؤولية. فلا تجعلوا الخوف أو التردد يقفان حائلًا بينكم وبين الاستقرار الأسري.
فلنعد إلى قيمنا التي تؤمن بأن الزواج هو الطريق الطبيعي لتحقيق الاستقرار والسعادة. ولننظر إليه ليس كالتزام ، بل كفرصة لبناء مستقبل مشرق لنا ولأجيالنا القادمة.

د. تركي بن فهد العيار

أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى