الباحة – في لقاء مليء بالإلهام والطموح، فتحت الدكتورة مهدية بنت صالح الثقفي، وكيلة كلية التربية بجامعة الباحة وأمين عام جائزة الباحة للإبداع والتميز، قلبها لـ”صحيفة مكة الإلكترونية”، لتشاركنا محطات من حياتها المليئة بالتحديات والإنجازات. تحدثت عن طفولتها التي كانت مليئة بالحنان بين أسرة متماسكة، وعن رحلتها الأكاديمية التي لم تتوقف عند حدود الطموح بل تجاوزتها إلى الإنجاز المستمر.
تُعتبر الدكتورة مهدية أول امرأة في المملكة تتولى منصب أمين عام لجائزة منطقة، وهو دليل على الإيمان بقدرات المرأة السعودية ودورها الفاعل في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. كما كشفت عن تأثرها بعدة شخصيات بارزة كان لها أثر عميق في حياتها، ومن بينهم معالي رئيس جامعة الباحة الدكتور عبدالله الحسين، الذي وصفته بأنه مدرسة قيادية فريدة تعلمت منها أصول القيادة والتوازن بين مختلف المسؤوليات.
في هذا الحوار، سلطت الدكتورة مهدية الضوء على جائزة الباحة للإبداع والتميز، رؤيتها المستقبلية، وتجربتها القيادية التي تُعد مصدر إلهام للمرأة السعودية في كافة المجالات.
– عرفي القراء بـ”مهدية الثقفي”:
مهدية بنت صالح الثقفي، أم وأكاديمية بجامعة الباحة.
• حاصلة على درجة الدكتوراه في المناهج وطرق التدريس.
• خريجة كلية التربية – قسم المناهج وطرق التدريس – جامعة أم القرى.
• عضو هيئة تدريس بجامعة الباحة، حيث تدرجت في عدة مناصب قيادية منذ تعييني وحتى الآن.
• أشغل حالياً منصب وكيلة كلية التربية.
• تشرفت مؤخراً بقرار سمو أمير منطقة الباحة، الأمير الدكتور حسام بن سعود -حفظه الله- بتعييني أميناً عاماً لجائزة الباحة للإبداع والتميز.
– حدثينا عن طفولتك ومسيرتك الدراسية والعملية:
كنت الابنة الوحيدة لخمسة أبناء، وترتيبي ما قبل الأخير. حظيت باهتمام كبير من والديَّ – رحمهما الله – ومن أشقائي الذين كانوا بمثابة الآباء لي بسبب الفارق العمري الكبير بيننا. وفاة والدي رحمه الله جعلت أشقائي يتولون دوره، فيما منحتني والدتي دعماً كبيراً حتى وفاتها قبل ثلاث سنوات – رحمها الله.
أكملت دراستي الجامعية والدراسات العليا بتتابع ودون انقطاع، وكان ذلك بفضل الله، ثم بفضل دعم أسرتي. كنت أماً وطالبةً وموظفةً في سن مبكرة، وتخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، مع توصية بطباعة رسالتي للماجستير والدكتوراه. وما زلت حتى اليوم أدرس وأتعلم لأواكب التقدم العلمي.
– ما هي أبرز ثلاث محطات في حياتك؟
حياتي ليست مجرد محطات بل مراحل متصلة ومترابطة. أعتبر كل يوم فرصة جديدة للعطاء والتطور. الطفولة كانت مرحلة جميلة تعلمت فيها الفضيلة وحب العلم والوطن. وفاة والدي كانت نقطة تحول للاستعداد لتحمل المسؤولية. اليوم أعيش مرحلة العطاء والمشاركة في بناء الوطن وتحقيق منجزاته من خلال عملي ومهامي اليومية.
– ما هي أقرب هذه المحطات لقلبك؟
كلها قريبة لي، فهي مراحل مترابطة، وكل مرحلة أعتبرها مدرسة أكسبتني خبرات ومهارات لما يليها، وأعانتني على المضي قدمًا بعد توفيق الله تعالى ودعاء والدتي -رحمها الله-.
– من هي الشخصية التي تأثرت بها في حياتك؟
الأسوة الأولى لنا جميعاً هي رسول الله – صلى الله عليه وسلم.
في حياتي الخاصة، تأثرت بوالدي بابتسامته الدائمة وصبره، ووالدتي التي علمتني التحمل والرضا، رغم صعابها الكثيرة.
• على المستوى الوطني، أستلهم الإلهام من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – الذي غير وجهة العالم نحو المملكة، وأعتبره نموذجاً للقيادة الطموحة.
• تأثرت أيضاً بمعالي رئيس جامعة الباحة الدكتور عبدالله الحسين، الذي يعتبر مدرسة قيادية تعلمت منها الكثير.
– من هي الشخصية التي لا يمكن للدكتورة مهدية نسيانها؟
والدتي -رحمها الله-، فقد كانت ملازمة لي معظم حياتها حتى وافاها الأجل. كانت الأم، والأخت، والابنة، والصديقة، والمستشارة، وكانت أمًا لأبنائي، شاركتني في تربيتهم والاهتمام بهم. أسأل الله أن يجعل ما قدمته لي ولهم في موازين حسناتها، ويرزقني وأبنائي البر بها بعد وفاتها كما رزقني إياه في حياتها.
– المنطقة مقبلة على مشروع طبي عملاق وهو “جبل النور المدينة الطبية الجامعية”، حدثينا عن هذا المشروع؟
أستاذ حسن، أنت تقحمني بالإجابة عن اختصاص غيري، وأعتذر من أصحاب الاختصاص إن قدمت إجابة غير كافية عن المشروع. ولكن حسب ما قرأت وأُعلن بوسائل التواصل، فإن المشروع عبارة عن إنشاء مدينة طبية أكاديمية بمواصفات عالمية تخدم الجانب الصحي والرعاية الصحية والأكاديمي بصورة عالمية مبتكرة. وسيحتوي المشروع على مستشفى يقدم خدمات الرعاية الصحية للمرضى، وكذلك الجانب التعليمي لطلاب الطب، وكلية علوم صحية متعددة التخصصات. بمعنى أن هذا المشروع سيكون نظامًا متكاملًا يجمع بين التعليم والبحث والعلاج السريري. فكرة المشروع جاءت في إطار النهضة التنموية التي تشهدها المنطقة، في ظل الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة، وسيكون مشروعًا جاذبًا للمنطقة وسيسهم في ازدهارها
– كيف ترين الباحة اليوم في ظل ماتشهده من تطورات؟
الباحة، كغيرها من مناطق المملكة، تشهد تطوراً كبيراً في كافة المجالات. المشاريع التنموية، بقيادة الأمير حسام بن سعود، ستجعل الباحة وجهة رئيسية للسياحة والاستثمار.
– ماذا تعني لك ثقة سمو أمير المنطقة بتعيينك أميناً عاماً لجائزة الباحة للإبداع والتميز؟
هذه الثقة وسام شرف ومسؤولية كبيرة، خاصة كوني أول امرأة تشغل هذا المنصب. أعتز بهذه الفرصة التي تُبرز دور المرأة السعودية في تحقيق أهداف رؤية 2030، وأعمل جاهدة لتقديم الأفضل خدمةً للمنطقة والوطن.
– ماذا عن جائزة الباحة للإبداع والتميز؟
تأسست الجائزة قبل عشر سنوات، وتهدف لتحفيز التميز والإبداع في المنطقة. تستهدف الأفراد والمؤسسات من جميع القطاعات. وقد تم تطوير فروعها لتشمل الجوانب الإعلامية والعسكرية، بالإضافة إلى مبادرات تسهم في إبراز هوية المنطقة.
– من هم المستهدفون في هذه الجائزة؟
جميع المؤسسات الحكومية على حد سواء، مدنية وعسكرية، بالإضافة إلى القطاع الخاص، سواء أفراد أو مؤسسات
– يهتم الكثير من أبناء المنطقة بالمحافظة على التراث والهوية الزراعية والتراثية لمنطقة الباحة. هل سنرى فروعًا لهذه المجالات في الجائزة؟
يوجد بالجائزة فرع للمبادرات التي تحقق هوية المنطقة. وفيما يخص الجانب الزراعي، إذا تمت دراسة ذلك المجال ووجدنا ما يخدم معاييره، فلا مانع. كما تعلم، أستاذ حسن، كل فرع من فروع الجائزة له عدد من المعايير التي تم بناؤها علميًا وعمل لها مقارنة مرجعية. مراعاة توافر هذه المعايير في المنطقة مطلب أساسي لاستحداث أي فرع. فالعمل يعتمد على دراسة الواقع ومدى إمكانية التطبيق وتوافر اشتراطات ومعايير أي فرع جديد.
– الدورة التاسعة شهدت إضافة الجانب العسكري والجانب الإعلامي، ودورتها الحالية عن إنتاج العسل. هل سيكون هناك إضافة فروع أخرى في الدورات القادمة؟
قد تُضاف فروع، وقد تُدمج فروع بعد دراسة وضع الجائزة من قبل اللجان ذات الاختصاص. فالجائزة يعمل بها عدد كبير من أصحاب العلم والفكر، وعلى رأس هذه اللجان اللجنة الاستشارية التي يرأسها معالي رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عبدالله الحسن، وعدد من قيادات المنطقة.
– تضم الجائزة عدة لجان تحكيمية. ما هي المعايير التي يتم اختيار رؤساء وأعضاء اللجان من خلالها؟
جميع أعضاء اللجان تم ترشيحهم من جهات مرجعيتهم. فيما يخص رؤساء اللجان، يتم اختيارهم بناءً على جودة ما يقدمونه في عملهم أثناء عضويتهم باللجان. غالبية رؤساء اللجان عملوا لعدة دورات كأعضاء، ثم يتم ترشيحهم للجنة الاستشارية، وبعد ذلك يُرفع الترشيح لمقام سمو أمير المنطقة. وبعد الموافقة، يصدر لهم قرار من سموه -حفظه الله-.
– هل سنرى مؤلفات عن تجاربك وخبراتك العملية؟
لدي 17 بحثاً علمياً منشوراً وأشرفت على أكثر من 100 أطروحة علمية. البحث العلمي جزء لا يتجزأ من عملي الأكاديمي، وأسعى دائماً لتوثيق خبراتي العملية.
– كلمة أخيرة:
أتمنى أن أكون عند حسن ظن الجميع، وأشكر صحيفة “مكة الإلكترونية” على هذا اللقاء المميز. أسأل الله أن يحفظ وطننا ويديم علينا الأمن والأمان تحت ظل قيادتنا الرشيدة.