عزيزي القارئ إن تصريح اللاعب العربي السابق، الذي حمل في طياته السخرية والجحود تجاه منتخبنا الوطني، لم يكن مفاجئًا بالنسبة لي فضحكته المستفزة، التي تعمّد من خلالها التشكيك في تاريخ المنتخب السعودي وإنجازاته، ليست سوى انعكاس لعقدة نقص قديمة تراكمت عبر الزمن. كيف لا، ومنتخبنا حقق كأس آسيا ثلاث مرات وتأهل إلى كأس العالم ست مرات، وهو تاريخ يفخر به كل سعودي وهذا مالم يحققه أي منتخب عربي، وأرى أن من أسباب هذا التشكيك والاستنقاص من المنتخب بعدم مقدرته على الوصول كان لأسباب عدة بين شخصية وإعلامية، فالأسباب الشخصية تكمن في حقده الدفين والذي تراكم مع الزمن من خلال هجومه الدائم واستغلال كل الوسائل الإعلامية الموجودة لإرضاء عقدة النقص لديه ، بينما الأسباب الإعلامية أجدها كانت بسبب النقد المستمر الهدام لبعض الإعلاميين الرياضين من خلال أراءهم وتحليلاتهم والتي تسودها “ثقافة التشكيك” وللأسف لا ترتقي لأن تكون عبر منصة تلفزيونية رياضية، وحتى تتضح لك الصورة عزيزي القارئ سأعطيك بعض الحالات الموجودة في الشارع الرياضي والتي تثبث صحة ما أقول
احد الإعلاميين يظهر على قناة من القنوات التلفزيونية المختصة بالشأن الرياضي ، وكل حديثه في جميع مباريات الأخضر يتمحور حول ” عدم جاهزية الأخضر لهذه البطولة مُعتبرًا منتخبه سيء وضعيف فنيًا وغير قادر على المنافسة ” ، والغريب في الأمر، هو أن مثل هذه الأصوات تجد دائمًا مساحة للظهور، بفضل بعض “الإعلاميين الرياضيين” الذين يسهمون في تعزيز هذه الثقافة ، فهؤلاء الإعلاميون يتخذون من منصاتهم وسيلة لطرح آراء هدامة لا ترقى لأن تكون على منابر إعلامية رياضية محترفة. فبدلاً من دعم المنتخب ورفع معنويات اللاعبين، حتى في المواقف التي تتطلب الدعم والتفاؤل نجد هذه الآراء المُحبطة، وعلى النقيض، نجد محللين من دول أخرى يدعمون منتخباتهم، حتى لو كانت إنجازاتهم أقل.
هذا التفاؤل، وإن بدا بسيطًا، ينعكس إيجابيًا على أداء اللاعبين، مع العلم بأن منتخباتهم من أضعف المنتخبات فنيًا وتاريخيًا ، لكنهم ابتعدوا عن النقد اللاذع لمنتخبهم حتى نهاية البطولة، وكانت النتيجة لهذا الدعم الكبير هو انعكاسه على لاعبين منتخبهم حتى استطاعوا أن ينتصروا على مُحقق هذه البطولة وبجدارة ،
ثقافة “التشكيك والتقليل ” ليست حديثة، وليست وليدة اللحظة؛ بل هي إرث طويل الأمد، ساهم في عرقلة تطور رياضتنا وأنديتنا على مدى سنوات طويلة، وأرى أنها من أهم الأسباب التي جعلت من الغير مؤهلين فكريًا ورياضيا والمُهمشين ثقافيا بالتطاول والسخرية من المنتخب السعودي صاحب الأمجاد والبطولات ، وإذا أردت، عزيزي القارئ، دليلاً على تأثير هذه الثقافة، تأمل النقاشات التي تدور بعد كل مباراة. ستجد الحديث متمحورًا حول ” ثقافة التشكيك” ما بين الفائز والخاسر بعبارات معروفة وواضحة “الحكم ظلمنا”، أو “ضاعت علينا ركلة جزاء”، وحتى في الحالات التي تُعرض فيها إحصائيات واضحة، يتم التشكيك فيها بأساليب لا تستند لأي منطق ، فاللغة الإحصائية النسبية الكمية لا يتم النقاش فيها لأنها لا تحتمل الأراء الأخرى فهي لغة كمية تعترف بالأرقام والنسب المئوية، كالحضور الجماهيري الكبير للأندية؛ ومع ذلك تجدهم أيضًأ يركزون في حديثهم على ” ثقافة التشكيك” في هذه الأرقام داعمين أراءهم بأدلة غير منطقية وغير مقبولة ، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يتعدى ليصل إلى التقليل من الإنجازات الوطنية التي يتم تحقيقها ؛ فعندما حقق نادي الاتحاد السعودي انجازًا حديثًا بانضمامه لنادي الرواد العالمي كأحد أهم الأندية الرائدة في العالم ، كان من المُفترض أن تكون التهاني حاضرة من الجميع لأنه قبل أن يكون انجازًا اتحاديًا هو انجاز سعودي ، لكن للأسف ظهرت هذه الثقافة الهشة والسيئة بالتشكيك في تاريخ تأسيس النادي وكأنهم لم يعرفوا التاريخ إلا اليوم بعد الاحنفال ، مشيرين إلى أمور سطحية لا قيمة لها ، بالتشكيك في تاريخه وعمادته ، ضاربين ضرب الحائط بكل المؤرخين الذين تحدثوا عن هذا النادي العريق المؤسس للكورة السعودية والخليجية بكونه أقدم نادي تأسس في المملكة والخليج ، وقس على ذلك أيضًا ثقافة التشكيك في بطولات الأندية ، الحالات كثيرة ويجب الحد من هذه الثقافة التي انتشرت كالنار في الهشيم من قبل بعض الإعلاميين الرياضيين ،
هذا السلوك الإعلامي، الذي يتغذى على ثقافة التشكيك من قبل البعض ، أصبح عائقًا أمام تطور رياضتنا فما نحتاجه في المرحلة القادمة هو إعادة النظر في اختيار الشخصيات الإعلامية التي تظهر على الشاشات ، وهذا ما قد تحدثت عنه مقال سابق بعنوان ” وسائل الإعلام بين الماضي والحاضر” بأن الوسيلة الإعلامية يجب عليها أن تختار الناقد المُحلل الذي يستطيع أن يضيف للساحة الرياضية وتتخلى عن المُشجع المتعصب لنادية الزارع لثقافة ” التشكيك والمؤامرة ” في كلامة وحديثة ، فانتقاء الشخصيات المتخصصة والمناسبة ممن يملكون ثقافة رياضية عميقة من أهم الأمور التي يجب أن التركيز عليها ، حتى نخرج بمحتوى هادف يسلط الضوء على الإنجازات المحلية والسعودية للأندية والمنتخبات ويكون داعم لها بدلا من التقليل منها