ذات المقهى الذي كتبت عنه من قبل …!
والذي طالما كان ملهمي، هو والشارع الهادي المظلم المتصل به في شرقي جدة، في منطقة مستودعات ومقاه شعبية، بطرزها القديمة، وما تقدمه من خدمة تقليدية لزبائنها، تستيقظ ما عدا المقاهي مع زقزقة العصافير وتنام عند حلول المساء.
مقهاي ليس أنيقا أو فارها كمقاهي حي الروضة أو الشاطئ، ولا هو ملتقى للأدباء والمبدعين الكبار كمقهى الفيشاوي القاهري، أو الهافانا الدمشقي، أو الشابندر البغدادي بشارع المتنبي.
…
مقهاي بسيط، بل وبسيط جدا …..
وأنا أعشق البساطة حتى النخاع، يرتاده أناس من غير المشاهير، تبدو العفوية طافرة من سحناتهم، لكنني ألفته وألفني، وغالبا ما أجلس فيه وحيدًا في ركن اخترته ولم أبدله، أحببته وأحبني، ولدي يقين سابق أن للجمادات مشاعر وأحاسيس مثلنا نحن البشر، نتبادلها سواء شعرنا أو لم نشعر، وقول الشاعر يسندني:
(حَن الجماد وما حنت مشاعرهم
أخافقٌ في صدور القوم أم حجرُ)
أو كما أوردت الطبيبة الأمريكية كيم إيجل، من أن ثمة حالة طبية تُعرف بـ”متلازمة الرفيق الوهمي”، حيث يمكن أن يشعر الأشخاص بالتعاطف مع الأشياء، ومن ذلك الأطفال مع الدمي والكبار مع أشيائهم.
….
أما ما كان من قصتي مساء البارحة …..
فأقول، لقد كان أنيسي الوحيد بالمقهى – ولساعتين – التلفاز الذي ظل يصدح من خلاله معلق المباراة بسرد وصفي حماسي لكل مفاصل تموجات المباراة، ولم تصدق عيناي أن العميد الذي أطاح بالزعيم قبل أيام، هو نفسه الذي ظهر باردًا مملًا، حتى كاد “فهود المجمعة” أن “يتعشوا” به لولا أن أحد النمور قد استيقظ فجأة وأدرك التعادل عند “النفس الأخير” للمباراة.
قمة المفاجأة ……
أن صاحب مقولة “الأحلام لا تموت” هو من لدغ مرمى النمور ابتداءً وفي الرمق الأخير، واستحق “فاشون” بذلك أن يكتب التاريخ بطريقة فريدة، حيث صار بعد تلك الإصابة الهداف التاريخي للنادي البرتقالي في دوري روشن برصيد 24 هدفا.
ذاك الزامبي “ساكالا” القادم من جلاسكو الأسكتلندي، أعلن في 2023 وهو يوقع احترافه مع الفيحاء قائلًا:
«رؤية ليس لها حدود يستشعرها العالم أجمع، حيث الطموح اللامحدود والتطلعات اللانهائية، الجميع يتحدث عنها، أن فخور أن أكون جزءا منها، أنا فاشون ساكالا، والفيحاء هو وجهتي، وفي السعودية الأحلام لا تموت».
…
روحي الرياضية هنأت الفيحاء بحق مشروع طبيعي سعى له واجتهد وأبدع، لكن قلبي ظل مكفهرًا وقد تعادل الاتحاد، في مباراة كانت في المتناول، بسبب رعونة بن زيمه ورفيقه عوار، ما ضيق فرصة السباق – بعض الشيء – على النمر الاتحادي نحو حلم لقب جديد ينتظره أنصاره بشغف.
0