بعد فشل مفاوضات الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع قادة الفصائل الفلسطينية في غزة، نسي العالم أن الشعب الفلسطيني، الذي شُرِّد، ودُمِّرت منازله، وعاش الخوف والرعب ونقص الموارد، ظلّ خارج معادلة التسوية. لم تتطرق المفاوضات إلى حقوق أهالي غزة أو مصير إعادة الإعمار، ولا إلى فك الحصار. لطالما شكت غزة للعالم، وذرفت الدموع، لكن دون جدوى، حتى وجدت من يصغي إليها في لوس أنجلوس.
الممثلة الأمريكية الشهيرة جيمي لي كورتيس، نجمة فيلم الجمعة العجيبة، شبّهت حال مدينتها لوس أنجلوس بغزة، ما أثار غضب الرأي العام الأمريكي. فقد عبّرت كورتيس عن تعاطفها قائلة: “مدينتي دُمِّرت واحترقت كما دُمِّرت غزة. أقاسمك العناء الذي عشته بسبب الحرب الظالمة على شعبك. ها هي لوس أنجلوس تشتعل نيرانها، وكأنها تردّ الدين وتعاقب المتحالفين ضدك، ليعلم العالم أن الجزاء من جنس العمل”.
ولسان حال غزة يقول: “وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون”، كما جاء في كتاب الله عز وجل، وهو تهديد واضح لمن انتصر بالظلم، كما قال القاضي شريح.
اليوم، أوصلت لوس أنجلوس صوت غزة إلى العالم؛ فكلا المدينتين شهدتا دمارًا شاملًا، وإن اختلفت الأسباب والوسائل. ومن أسقط حق الشعب الفلسطيني، وأغمض عينيه عن معاناتهم، ذاق ذات الكأس.
أقول لأهل غزة ما قاله الله سبحانه وتعالى: “إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون”.
إن مشهد الدمار والتشريد للشعب الفلسطيني، الذي لا ذنب له في هذه الحرب، أوجع المسلمين وغير المسلمين على حدٍّ سواء، ودفع الكثيرين للتعاطف مع أهله.
لوس أنجلوس وغزة قد تتشابهان في المصير المأساوي، وربما تكونان حافزًا لإعادة النظر في المفاوضات. فالتاريخ يثبت أن تجاهل حقوق الفلسطينيين، وعدم ردّ المظالم، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
• أستاذ الإعلام الدولي