رحم الله اخينا ونبراسنا الأستاذ علي بن خضران القرني، ذلك الرجل الذي حمل مشعل الأدب والفكر لأكثر من نصف قرن، جاعلاً من قلمه وسيلة لتنوير العقول ورقي المجتمع. لقد كان نموذجاً للأديب الموسوعي الذي جمع بين الإبداع الأدبي والرؤية النقدية الثاقبة، وهو ما انعكس في مؤلفاته الغنية التي تمثل إرثاً فكرياً يخلد اسمه في ذاكرة الثقافة السعودية.
مؤلفاته، مثل “صور من المجتمع والحياة” و*“من أدباء الطائف المعاصرين”*، لم تكن مجرد كلمات تُكتب بل شهادات حية على مجتمع زاخر بالحكايات والصور الإنسانية العميقة. أما في موسوعته الأدبية، فقد أعاد تعريف مفهوم التوثيق الأدبي، وأبرز أسماء ساهمت في بناء الهوية الثقافية للطائف.
كان الأستاذ علي بن خضران أكثر من مجرد كاتب؛ كان مربياً للأجيال، مثقفاً حريصاً على نشر الوعي، وإنساناً يحمل فكراً متقداً يتجاوز حدود الزمان والمكان. مشاركاته في الصحف والمجلات، لا سيما صحيفة البلاد في آخر أيامه، تعكس استمرارية عطائه رغم كبر سنه، وكأن قلمه كان ينبض بالحياة حتى آخر لحظة.
لقد فقدت الساحة الأدبية برحيله رمزاً من رموزها، ولكن إرثه سيظل حاضراً بيننا، ينير الطريق للأجيال القادمة. نسأل الله أن يتغمده برحمته الواسعة، وأن يجعل من ثمار جهده علماً ينتفع به، وصدقة جارية تسكنه في عليين.