المقالات

اكتشاف مواهب الأطفال مبكرا مهم لدعمهم وبناء مستقبلهم بنجاح

إنَّ اكتشاف مواهب الأطفال منذ مرحلة مبكرة من العمر مهم جدا و يمثل خطوة حاسمة في تشكيل مستقبلهم، ويُعتبر من أبرز المهام التي تقع على عاتق الوالدين والمربين. فكل إنسان على وجه الأرض يحمل في داخله وبشكل مؤكد موهبة فريدة قد تكون مغفلة إذا لم يتم اكتشافها ورعايتها بشكل صحيح. ويمكن للموهبة أن تكون في أي مجال من مجالات الحياة، سواء كانت في الفنون أو العلوم أو التقنية او الرياضة أو حتى في المهارات الحياتية كالقيادة والإبداع. فمن المهم أن يدرك الآباء والمعلمون أن كل طفل يمتلك إمكانيات فريدة، وأن اكتشاف هذه الإمكانيات منذ سن مبكرة يعزز من فرص تطويرها. في كثير من الأحيان، يمكن للأطفال أن يظهروا علامات و مؤشرات و دلائل على موهبة خاصة في مرحلة مبكرة، مثل ميلهم للفنون أو قدرتهم على حل المشكلات بطريقة غير تقليدية حتى في العملبات الحسابية. بطبيعة الحال ، من خلال الملاحظة الدقيقة والتوجيه، يمكن تنمية هذه المهارات وتنميتها لتصبح جزءًا من شخصيتهم. فالتحفيز المبكر لا يساعد فقط في تطوير المهارات، بل يزيد ايضا من ثقة الأطفال بأنفسهم ويشجعهم على الاستمرار في التعلم والابتكار.
الخطوة التالية بعد اكتشاف الموهبة تكمن في توجيه الأبناء نحو التخصصات والمجالات التي تساهم في تعزيز هذه المواهب. سواء كان الطفل متميزًا في الرياضة، أو الفن، أو العلوم، أو التكنولوجيا، فإن توفير بيئة تعليمية تساعده على صقل مهاراته وتوجيهه نحو التخصصات المناسبة أمر ضروري. قد يتطلب ذلك تخصيص وقت إضافي للتدريب أو الدروس الخاصة، أو حتى السفر لفرص تعليمية متقدمة. فمن خلال التوجيه الصحيح، يمكن للأطفال بالفعل أن ينمووا في بيئة محفزة تؤهلهم لإتقان مهاراتهم وتحقيق التفوق في مجالهم المفضل.
لا يمكن قرائي الأعزاء تجاهل أن اكتشاف الموهبة ليس بالأمر السهل دائمًا، خاصة في ظل مجتمع مليء بالتحديات. فهناك العديد من العوامل التي قد تؤثر في قدرة الطفل على اكتشاف نفسه، مثل العوامل الاجتماعية أو الاقتصادية أو حتى النفسية. لكن عندما يكون هناك دعم مستمر من الوالدين والمعلمين، يمكن للطفل بإذن الله وتوفيقه أن يتجاوز هذه التحديات ويحقق نجاحًا ملحوظًا. فالطفل الذي يتلقى التشجيع والرعاية المناسبة يكون أكثر قدرة على تطوير قدراته ومواجهة الصعوبات التي قد تعترض طريقه.
مما لا شك فيه ، أنه من خلال اكتشاف وتنمية الموهبة، لا يصبح الطفل فقط بارعًا في مجال معين، بل يبدأ أيضًا في بناء شخصية متميزة وقوية. وهذا يمكن أن يسهم في تطوير مهاراته الإبداعية، وتوسيع آفاقه الفكرية، ويجعله شخصًا مبتكرًا قادرًا على إيجاد حلول جديدة للمشكلات. كذلك عندما يثق الطفل في قدراته ويجد من يسانده في تطويرها، يصبح قادرًا على المساهمة في مجتمعه بطرق قد تتجاوز التصور وتفوق التوقعات، مما يعزز من مكانته و دوره المفيد والبناء في المجتمع.
على الرغم من أن الكثيرين قد يتجاهلون أو يخطئون في التعرف على مواهب أطفالهم في وقت مبكر، فإن هذا الغياب قد يؤدي إلى تراجع هذه المواهب مع مرور الوقت. فالأطفال الذين لا يتلقون الدعم والتوجيه الكافي من الطبيعي قد يفقدون الثقة في أنفسهم أو ينسحبون من السعي وراء شغفهم. كما قد يصبح من الصعب عليهم اكتشاف مجالات جديدة يشعرون بالشغف تجاهها في وقت لاحق من حياتهم، مما يحد من إمكانياتهم المستقبلية.
بطبيعة الحال ، تلعب الأسرة والمدرسة دورًا رئيسيا و مهمًا في اكتشاف وتوجيه مواهب الأطفال. فالأب والأم هما أول من يتعامل مع الطفل ويلاحظان ملاحظاته وسلوكياته. ويجب عليهما أن يتحليا بالصبر والانتباه الكافي، كما يجب أن يكونا منفتحين على مختلف أنواع النشاطات والمجالات لتشجيع الطفل على استكشاف ميوله. أما المدرسة، فهي تشكل البيئة التي تنطلق منها الفرص للطفل لاكتشاف موهبته والتفاعل مع الأقران الذين قد يشتركون في نفس الاهتمامات. لذلك يجب أن يكون هناك تنسيق وتوحيد الجهود والتعاون بين الأسرة والمدرسة لضمان اكتشاف الموهبة في مرحلة مبكرة والعمل على تنميتها.
ختاما ، يتعين على المجتمع بأسره دعم الأطفال الموهوبين. فالمؤسسات الحكومية، الجمعيات الأهلية، وحتى الشركات الخاصة يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في توفير الفرص للأطفال الموهوبين لتنمية مهاراتهم. من خلال توفير المنح الدراسية، ورش العمل، والمسابقات، والمشروعات الخاصة، مثل ما تقوم به مؤسسة الملك عبدالعزيز و رجاله للموهبة والإبداع (موهبة) في العاصمة الحبيبة الرياض. يمكن للمجتمع أن يسهم بشكل فعال في بناء جيل من الأطفال الذين يمتلكون مهارات استثنائية تساهم في تقدم المجتمع.
إن اكتشاف مواهب الأطفال وتوجيههم نحو تطويرها منذ وقت مبكر ليس مجرد مهمة فردية، بل هو مسؤولية جماعية تبدأ من الأسرة والمدرسة وتستمر عبر المجتمع بأسره. بما في ذلك وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

إن دعم وتحفيز الأطفال على اكتشاف مواهبهم يعزز من فرصهم في المستقبل، ويصنع شخصيات قيادية قادرة على الابتكار والإبداع، ويحقق لهم نجاحًا لم يكن ليحدث لو تم تجاهل هذه المواهب.

* أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود

د. تركي بن فهد العيار

أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى