مخطئ من يظن أن ما يجري في منطقتنا هو مجرد ثورات (عادية) ضد فساد أنظمة أو ديكتاتورية زعيم! لنبحث عن المستفيد من توتر منطقتنا وعندها سوف تتضح الأمور! معظم دول المنطقة باتت حلبة صراع لأحداث يقف وراءها (دول) تبحث عن تأمين مصالحها، و كيان خبيث يستغل تلك المصالح لتحقيق حلم (أرض الميعاد)! ادارات (الكيان الصهيوني ) المتعاقبة لا تخفي الطموح اليهودي الصهيوني الذي تدعمه المسيحية الصهيونية لتحقيق النبوءة المزعومة حول خريطة اسرائيل الكبرى والتي بدأت تنشرها مؤخرا عبر بعض حساباتها الرسمية!
الكيان الصهيوني أدرك منذ زرعه في منطقتنا بأنه لن يتمكن من العيش وسط هذه الكيانات العربية الكبيرة إلا باستخدام استراتيجية التفريق والتفتيت التي تبنتها الدول الغربية منذ بدايات
القرن الماضي. تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة متصارعة وفق مكوناتها الدينية والعرقية والقبلية، هو الهدف الأساسي الذي يسعى الكيان لتحقيقه.
تنفيذ (استراتيجية التفكيك) يحتاج إلى أدوات داخلية، مثل قادة مصطنعين، سياسيين ذوي ولاء مزدوج – إعلاميين مرتزقة…إلخ. استخدمت الاستخبارات العالمية هذه الأدوات باحترافية
،وبدأت (بإعادة الخميني إلى إيران) لتأسيس نظام الملالي، وتبعها (بث الفتنة الطائفية)، ومن الأدوات أيضا وتحت ذريعة نصرة القضية الفلسطينية (أنشئت العشرات من أحزاب المقاومة
والجماعات العسكرية) والتي نجحت في (كل شيء) إلا في تحقيق الهدف الإستراتيجي الذي أنشئت من اجله! ما قامت به تلك الأحزاب (عزز التوتر) في المنطقة، و (خلق أعداء) للحكومات
الرسمية و (بدد قدرات) الأجهزة الأمنية وإمكانياتها في صراعات ليست مع العدو الأساسي، بل صراعات (مصطنعة) مع جماعات وفصائل مكونة من أفراد يرددون (الله
أكبر) ويقولون بأنهم (مسلمون) ! كما نجحت في (تأكيد الدعاية الغربية) حول اتهام الإسلام بالإرهاب، و (إطلاق الصراع الطائفي والعرقي) الذي أدى إلى تدمير عدد من العواصم العربية، و
(فشلت) تلك الجماعات والأحزاب والفصائل والكتائب والألوية والهيئات والتنظيمات والمنظمات …إلخ) في تحقيق الهدف الأساسي وهو مقاومة المحتل الصهيوني و القوى الإمبريالية الداعمة له!
الشعوب العربية مطالبة بأن تتخلى عن (سياسة القطيع) وأن تُعمِل عقولها، فليس من المنطق أن تنساق خلف أفراد أو جماعات لا تعرف من أين ظهروا، وما حقيقة توجهاتهم، وغير معروف
مصادر تمويلهم! فالمثل العربي يقول (ليس كل بيضاء شحمة) والمثل الشعبي يؤكد أيضا أن (ليس كل مدردم.. بدنجان)! جماعات يستترون خلف الشريعة الإسلامية، ويلبسون ثياب الوطنية، ويرفعون شعارات النضال، جماعات تسير ضد توجهات الحكومات الرسمية، وتسوق التابعين لها نحو مغامرات غير محسوبة عواقبها!
في حديثه عن حرب (أكتوبر 1973م)، قال الزعيم المصري أنور السادات -رحمه الله- أنه بعد (عبور خط بارليف وتحقيق النصر) أخبر الزعيم السوري حينها، بأنه اضطر للموافقة على قرار وقف إطلاق النار وأنه (أي السادات) ليس على استعداد (لتحمل المسؤولية التاريخية عن تدمير الشعب المصري وقواته المسلحة)، فالمواجهة أصبحت مع أمريكا التي تدخلت لدعم الكيان الصهيوني! على النقيض من ذلك، وبعدما أعلنت السعودية تعيين سفير لها في دولة فلسطين كمقدمة لتنفيذ قرار حل الدولتين، وجدت حكومة الكيان الصهيوني
نفسها في موقف لا تحسد عليه، وفي خضم هذا التفاؤل بحصول الفلسطينيين على (جزء) من حقوقهم، فوجئ العالم بمغامرة قدمت طوق النجاة لنتياهو وحزبه! لم تكن تلك (المغامرة) سوى نتاج عملية استخباراتية هدفها استدراج احدى حركات المقاومة في المنطقة إلى مستنقع حرب مدمرة مسحت قطاع غزة، ومن نتائجهاحتى (الآن) إعادة احتلال القطاع،
قتل عشرات الآلاف من أهله، وإصابة وإعاقة مئات الآلاف منهم، ومحاولة تهجير الملايين قسرا نحو سيناء كوطن بديل لهم بحجة تأمين الحدود الغربية للكيان الصهيوني ! ليس هذا فحسب،
بل مكنت تلك المغامرة الكيان الصهيوني من الوصول إلى نهر الليطاني في لبنان (أحد مصادر المياه العربية التي يسعى إليها الكيان)، مغامرة أظهرت نوايا الكيان الصهيوني في المضي قدما لتنفيذ مرحلة من مراحل (وهم) أرض الميعاد!
ختامًا.. في ضوء هذه التحديات، على الدول العربية توحيد الصفوف لدعم (سوريا والعراق)، وتفكيك الميليشيات المذهبية وتجفيف منابع الإمداد للجماعات المزعومة. و إلا، مع تشتت القرار العربي ،
سوف تتكرر المغامرات التي تصب في مصلحة الكيان الصهيوني الذي سيتخذ من حجة حماية أمنه وحدوده ذريعة لصناعة حدود جديدة داخل سوريا ثم العراق، وسوف تتفكك دولنا العربية واحدة
تلو الأخرى وتتحول إلى (جمهوريات الموز).