على مدى أكثر من نصف قرن، سعى العلماء إلى تطوير صمامات تماثل الصمام الطبيعي الموجود في الإنسان، بدءًا بالصمام المعدني الذي يتطلب استخدام الأدوية المسيلة للدم لتفادي حدوث الجلطات نتيجة احتكاك الدم بالصمام، ثم الصمام الحيواني الذي تجاوز هذه المشكلة لكنه لم يخلُ من تحدياته الخاصة. إذ أن كلا النوعين، المعدني والحيواني، لا يدومان مدى الحياة، مما يستدعي أحيانًا إجراء عمليات إضافية لاستبدالهما.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الصمامات غير قادرة على النمو مع نمو الإنسان، وهي مشكلة كبيرة خصوصًا لدى الأطفال، حيث يحتاج الطفل إلى عملية أخرى عند كبره لاستبدال الصمام بآخر أكبر يتناسب مع حجم جسمه الجديد.
لتجاوز هذه العقبات، أبدع جراح القلب العالمي السير مجدي يعقوب في إيجاد حل مبتكر من خلال تطوير هيكل صمام مصنوع من الألياف وزرعه في مكان الصمام المراد استبداله على قلوب الحيوانات (الغنم). وقد لاحظ البروفسور مجدي أن هذا الهيكل جذب الخلايا الجذعية من الدم، مما أدى إلى تكوين خلايا صمام قلب طبيعي حي ينبض بالحياة.
هذا الاكتشاف يُعد اختراقًا طبيًا مذهلًا في مجال جراحات صمامات القلب، وقد تم نشر البحث المتعلق به خلال شهر يناير الجاري في المجلة العلمية المحكمة الشهيرة (Nature).
حاليًا، لا تزال هذه التقنية في طور التجربة على الحيوانات (الغنم) أكرمكم الله، وعلى الرغم من النتائج الأولية المبشرة، فإنها تحتاج إلى مزيد من الدراسات قبل اعتمادها للاستخدام البشري. من المتوقع أن يُجرب الصمام على الإنسان بعد الحصول على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، ليصبح جاهزًا للاستخدام البشري خلال ثلاث سنوات تقريبًا.
خاتمة:.. على الرغم من المحاولات البشرية الحثيثة لصنع صمام طبيعي مثالي، إلا أن الإنسان لم يستطع تحقيق ذلك إلا بتوفيق من الله. كما قال الله تعالى:
(صنع الله الذي أتقن كل شيء صنعًا، فتبارك الله أحسن الخالقين) [النمل: 88].
وصدق الحق سبحانه حين قال:
(يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابًا ولو اجتمعوا له، وإن يسلبهم الذباب شيئًا لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب) [الحج: 73].
مع تمنياتي لكم بدوام الصحة والعافية.