من حسن الحظ أن الغربيين حين انطلقوا يكتشفون آفاق الأرض ويحتلونها ويُبيدون أهلها لم يكونوا يَعتبرون العدوان مُستنكَرًا أخلاقيا وإنما كانوا يتفاخرون بالمجازر التي ارتكبوها في حق كل من استضعفوه ووضعه الحظ التعيس في طريقهم وبذلك بقيت آثامهم مدوَّنة وبات أحفادهم يُذَكِّرونهم بجرائمهم …..
حيث يظهر من الغربيين أنفسهم مفكرون وأدباء ومؤرخون يُعيدون التذكير بعدوانية الغرب ويستعرضون وقائع تاريخية تُدين الغرب وتفضح الفظاعات التي ارتكبوها بحق الشعوب …
جون غراي أستاذ الفكر الأوروبي بكلية لندن للاقتصاد له أكثر من عشرين كتابًا يدين فيها العالم الغربي ويدون وقائع تؤكد تلك الجرائم الفظيعة ولا يكتفي بذلك بل يكشف عمق التفاهة في الوجود البشري بأجمعه فليس العقل في نظره سوى انتظام تلقائي في القطيع وما أن يتوقف الفرد لإمعان النظر حتى يكتشف هشاشة الأساس الذي تقوم عليه فرديته …..
في كتابه (تأملات في البشر) يقوم جون غراي بتذكير قومه الغربيين وغيرهم بالفظاعات التي ارتكبوها في حق الشعوب التي احتلوا أرضها وأبادوا أهلها ومما يذكره أن الملاح الهولندي آبل تسمان اكتشف جزيرةً كانت مأهولة شرق جنوب استراليا ورغم أن الجزيرة كانت قبله آهلة بالسكان وتحمل اسمًا إلا أن الاستعمار أباد السكان عن آخرهم وأطلق على الجزيرة اسم المكتشف فصارت تُعرَف باسم (جزيرة تسمانيا) وهي الآن إحدى الولايات التابعة للحكومة الأسترالية …..
من الفظاعات التي يذكرها البروفيسور البريطاني جون غراي أن آخر إنسان من الشعب الذي كان يقطن الجزيرة قبل الاستعمار أنهم قتلوه ودفنوه ثم عاد الدكتور جورج ستوكيل ونبش القبر ليصنع من جلد المقتول حقيبةَ تبغٍ إمعانا بالتفاخر والصلف والعدوانية هكذا هو الإنسان كان وما يزال غارقا في الشر ويتباهى بفظائعه
![صورة إبراهيم البليهي](https://www.makkahnews.sa/wp-content/uploads/2023/11/إبراهيم-البليهي_avatar-140x140.jpeg)
0