المقالات

الحمد لله على هزيمة الهلال؟! بقلم: عدنان جستنية

همس الحقيقة

خطر على بالي هذا العنوان بعدما تداعت إلى ذاكرتي مقولة شهيرة لحبيب الكل، رئيس نادي الهلال السابق، الأمير عبدالرحمن بن مساعد: “إن الهلال مصدر سعادة أبدية لجميع الرياضيين، فإذا أنجز أسعد كافة محبيه وعشاقه، وإن أخفق أسعد كارهيه سعادة عظيمة.”

تذكرت هذه المقولة عقب هزيمة فريق نادي الهلال من فريق نادي القادسية، ليدور في رأسي سؤالان لا ثالث لهما:
السؤال الأول: ما السبب الحقيقي الذي يجعل المشجع، في عرف التنافس الرياضي، يصل إلى حالة “كره” لهذا النادي العظيم، كما وصفه العاشق الهلالي في حالة خسارته؟
أما السؤال الثاني: فهل تنطبق هذه الحكمة الهلالية على بقية الأندية في حالتي الفوز والخسارة، أم أنها “ملكية خاصة” ينفرد بها الزعيم دون غيره؟
• منطقيًا، إجابة السؤال الأول تحتاج إلى دراسة عميقة بعيدة عن منهج الاستقصاء والاستفتاء، الذي سبق أن أجرته لمرة واحدة شركة “زغبي” في تجربة “فاشلة” جدًا، كان لها أهدافها “الاستثمارية” في تلك المرحلة. إنما تغوص هذه الدراسة في أعماق مشاعر أصبحت شبه مؤكدة عند “شبيه الريح”، كونت عنده هذا الإحساس “الصادق” بكل ما فيه من “جرأة” الإفصاح والتعبير.
• حقيقةً، لا ألوم الأمير عبدالرحمن على هذا الاستنتاج “العاطفي” كمحب وعاشق لناديه، والمبني على رصد شخصي ناتج عن ردود أفعال الرياضيين في حالة “إخفاق” الهلال. وربما من منظور الحكمة القائلة: “كل ذي نعمة محسود”، التي يمكن الأخذ بها كنعم لا تعد ولا تحصى، مقسمة على عبيد الله وفق أسس ومعايير وضعها رب العباد. إلا أن الطبيعة البشرية منذ أن خلق أبونا آدم وأمنا حواء مستأصلة في جذورها عدم القناعة، فيأتي نتاجها الطمع والبغضاء، وبالتالي الحقد والحسد، وما يترتب عليه من أفعال نهايتها سيئة للغاية.
• ميزان النعمة، لو طبقناه على أنديتنا في الدوري السعودي، فهل يسير في سياق متساوٍ في الدعم والاهتمام، ويوازي في نفس الوقت “عدالة” المنافسة؟
لكي نجيب إجابة صحيحة وسليمة على هذا السؤال، فلابد من العودة إلى عدد الفرحين في حالة فوز الهلال، وعدد الكارهين له في حالة إخفاقه. سنجد، بنسبة وتناسب، أن كفة الفئة الثانية تفوق الفئة الأولى. وحينما نبحث عن السبب، نجد أن المتابع يُرجع ذلك إلى آلية توزيع نعمة الدعم والاهتمام التي يحظى بها الهلال مقارنةً بالفئة الثانية على مستوى بقية الأندية. لنكتشف أن مرد احتقان الشارع الرياضي، من خلال فرحة “كارهي” الهلال بإخفاقه، يعود سببه الحقيقي إلى اختلال في ميزان عدالة الدعم والاهتمام والمنافسة على مدى سنين ومراحل مختلفة في مسيرة الكرة السعودية. ومن هنا نشأت هذه “الكراهية”، وليس المقصود الهلال كنادٍ، إنما “الفوارق” التي كان لها تأثير نفسي ومعنوي.
• من جهة أخرى، لو نظرنا إلى معادلة أبو فيصل في اتجاه فرحة الكارهين للهلال بخسارته أمام القادسية، فهل هي موجودة حينما خسر نادي الاتحاد أمام ضمك، مع أن العميد يتمتع بسجل حافل بالإنجازات؟
الإجابة، أعتقد أن معظم الرياضيين على مختلف ميولهم “تعاطفوا” مع الاتحاد وانزعجوا كثيرًا لهزيمته. وقد يكون السبب كرههم للهلال، أو أن الاتحاد بتركيبته الاجتماعية والرياضية وشواهد تاريخية فيها من المعاناة والكفاح، هي من شكلت حوله ذلك “التعاطف” التلقائي، والحب المعاكس للكراهية، الذي جعلهم يتمنون تحقيقه بطولة الدوري، وألا يستمر في تفريطه في النقاط كما فعل أمام ضمك.
• عودة إلى عنوان المقال، “الحمد لله على هزيمة الهلال”، هذا الحمد من المؤكد جاء من منافسي الهلال عقب هزيمة الزعيم، ومن المؤكد أن محبي وعشاق الهلال وغيرهم حمدوا الله بعد هزيمة الاتحاد. وإن كانت نسبة الذين فرحوا لخسارة الهلال أكثر بكثير من الذين فرحوا لخسارة العميد، ولا وجه للمقارنة بين الحالتين. ولا يقتصر الفرح على الهزيمة، إنما أيضًا فرحة الإعلام الهلالي الذي احتج على التحكيم، ليشعر بمعاناة الآخرين.

عدنان جستنية

كاتب وناقد صحافي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى