
قصة قصيرة
كانت الليلة هادئةً وغامقةً، الساعة الثانية صباحًا،
زميلي لم يأتِ إلى العمل بسبب ظرفٍ طارئ، فاضطررتُ أن أحل محله في استقبال ضيوف الفندق.
لم يكن هناك الكثير من النشاط في تلك الليلة. عانقت عقارب الساعة الرابعة عندما دخل رجلٌ وامرأة تحمل طفلًا رضيعًا، و خلفَهم امرأة عجوز ضخمة الجثة، عيناها متوهجتان بنظرةٍ خبيثة، تتكأ على عصا لم تكن عادية بل (عجرة) أثارت فضولي!
حجزتُ لهم غرفةً في الطابق الخامس، وبعد ما يقارب الساعة، أمطرتني اتصالات من نزلاء ذلك الطابق يشتكون فيها من سماع أصوات بكاء وصراخ من الغرفة (503). تذكرتُ أنها الغرفة التي حجزتُها لئلك النزلاء الذين برفقتهم العجوز صاحبة العصا الكبيرة!
أصابني الذعر والفزع، اتصلتُ عدة مرات بالغرفة ولكن لم يجبني أحد! فانطلقتُ متجهًا إليها. بينما كنت أسير في الممر، كان صوت البكاء والصراخ يملأ المكان! زدتُ في سرعتي وما إن وصلتُ حتى رحتُ أضرب الباب بقوة كنتُ مشوشًا تمامًا، وقد تملكني غضب شديد.
فتح الرجل الباب اندفعتُ إلى الداخل.. كانت الغرفة تعكس حالة الفوضى والعنف الذي حدث بها! نظرتُ في أرجائها فإذا المرأة واقفة في إحدى الزوايا وقد بدى عليها أثر الضرب.. احمر وجهها وتناثر بعض من شعرها على الأرض!
لم أتمالك نفسي فانهلتُ على الرجل بالضرب وهو يقول بصوت متقطع بالكاد يُسمع أنا لم أفعل شيئًا.. أقسم لك. أمسكت المرأة بي وهي تقول : اتركه أرجوك، هو لم يضربني.. أفلته من يدي وأنا أنظر في عينيه بحدة، إذا لم يكن هو فربمّا أمه المرأة العجوز التي كانت معكم، أين هي؟!
قالت المرأة بشفتين مرتجفتين : أي عجوز؟! ليس هنا إلاّ أنا وزوجي وطفلي.
تبدد الانفعال الذي كان يضطرم في نفسي منذ لحظات، صرتُ في موج من الذهول!! ولم أزد عن قولي : لقد كانت معكم….!
رفعت المرأة يدها بحركة غير متوقعة وطلبت مني مغادرة الغرفة فورًا. خرجت وأنا أشعر بالخجل والارتباك، كنتُ منفصلاً عن الزمان والمكان!
أسرعتُ أتفقد الكميرات وقت وصولهم، أرعبني جدًا مارأيتُه لم تظهر المرأة العجوز معهم، لا أثر لها!
لم تمضِ سوى بضع ساعات حتى غادر ذلك النزيل وزوجته بعد أن قدم شكوى كادت أن تتسبب في فصلي.
ولكن من كانت العجوز صاحبة العجرة؟ هل كانت روحًا خبيثة أم مجرد وهم؟ لا أعرف، ولكن ما أعرفه هو أنني لن أنسى تلك الليلة أبدًا.
بقلم /صباح أحمد العمري