صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب مكالمة مطولة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن إمكانية عقد قمة بينهما في السعودية ستتناول الحرب الروسية الأوكرانية وسبل حلها، إضافة إلى مواضيع عالمية أخرى. فالحرب الأوكرانية، التي أعادت اصطفاف العالم إلى قطبين وكادت أن تكون شرارة لحرب عالمية ثالثة، لا تزال تلقي بظلالها على الساحة العالمية. فلماذا السعودية؟
لقد اختطّت السعودية لنفسها منهجًا واضحًا، فَنَأَت بنفسها عن الصراعات العالمية، واصطفت إلى جانب العدالة والسلام، وهي تؤكد يومًا بعد يوم أنها دولة صانعة للسلام، فاكسبها ذلك ثقة العالم. ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية، أبدت السعودية اهتمامًا بالحل السياسي لهذه الأزمة، وأبدى الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، خلال اتصاله في 3 / 3 / 2022 بكل من الرئيسين الروسي والأوكراني، استعداد السعودية لبذل مساعيها للوصول إلى حل سياسي للأزمة. كما واصلت المملكة خلال سنوات الحرب جهودها باستضافة العديد من الاجتماعات لإنهاء هذا الصراع، وقامت بدور بارز في عمليات تبادل الأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية، مما أكسب السعودية ثقة أطراف النزاع على حد سواء.
ولأن السعودية استطاعت بحكمة أن تمسك بخيوط متشابكة في العلاقات الدولية، ففي حين تتمتع بعلاقات جيدة مع روسيا ويتم التنسيق العالي بينهما في سوق النفط العالمي من خلال أوبك بلس، يعوّل الرئيس ترامب على السعودية في حلحلة القضية الفلسطينية وتحقيق سلام دائم مع إسرائيل رغم صلابة الموقف السعودي، الذي يشترط حل الدولتين. إضافة إلى ذلك، هناك الصفقات التجارية التي يسعى الرئيس ترامب لتحقيقها، كما أن هناك أمرًا هامًا بالنسبة لأمريكا، وهو أن السعودية بدأت بوصلتها تتجه شرقًا نحو الصين كحليف استراتيجي، وهو ما لا تريده واشنطن أن يحدث.
إن الثقل الإقليمي والعالمي الذي تتمتع به السعودية جعلها المكان المناسب لعقد اجتماع قطبي العالم، مما يبرهن على مكانتها العالمية. كما أن النهج الذي رسمته السعودية لنفسها، والنجاحات التي حققتها في إحلال السلام في العديد من الدول، كما حدث في سوريا من إنهاء للصراع وإحلال السلام، وما تم في لبنان سابقًا باتفاق الطائف، الذي أنهى حربًا أهلية استمرت خمسة عشر عامًا، وحاليًا بجمع أطياف لبنان لحل أزمة الفراغ الرئاسي الذي استمر طويلًا، إضافة إلى جهودها في اليمن والسودان وغيرهما من المبادرات والجهود، كلها أثبتت قدرة القيادة السعودية على تحقيق السلام والاستقرار، مما جعلها رائدة في مساعي تحقيق السلام العالمي.
إن ما تحقق ويتحقق لهذه البلاد من رفعة ونماء، وما تتمتع به من ثقة دولية وثقل عالمي، هو ثمرة جهود زرع بذورها المؤسس، ونمّاها أبناؤه، فجعلوها منهجًا للدولة وسمة تتسم بها، يفتخر بها المواطن والمحب لهذه البلاد المباركة.