المقالات

عمق التأسيس والبعد السياسي ..

كان قرار يوم التأسيس الموافق ( 22 فبراير) من كل عام – يوماً سعودياً يحتفى فيه بتأسيس الدولة السعودية وامتدادها عبر ثلاثة قرون – قراراً استثنائياً حكيماً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه ورعاه – وذلك يعود إلى إدراكه بأهمية التاريخ السعودي الموغل في القِدَم وتأصيل الهويّة السعودية والانتماء الوطني ،وهذا ما سينسحب تباعاً على الأجيال الماضية والقادمة وعندها ستدرك أكثر قيمة هذا الوطن المعطاء ، هذا الكيان العظيم الذي تروى لنا كتب المؤرخين أمجاد الملوك الأولين والآخرين وتفانيهم في بناء دولة راسخة واضحة الملامح والسياسة والسيادة والريادة يسودها الأمن والاستقرار والتطور في شتى مجالات الحياة ، وهذا ما تحقق في بناء الدولة السعودية المباركة التي أسسها الإمام محمد بن سعود، – رحمه الله – عام ( 1139 ) هـ – ‏( 1727 ) م وعاصمتها ” الدرعية ” المدينة التي أسسها الأمير مانع المريدي (٨٥٠هـ)، فأرست الوحدة الأولى ورسّخت الأمن والاستقرار في جزيرة العرب بعد عصور طويلة من التناحر والشتات والتمزّق والفرقة ثم قامت الدولة السعودية الثانية في عام ١٢٤٠ هـ ، في ذات السياق التاريخي والسياسي على يد الإمام تركي بن عبدالله – رحمه الله – لتتّحد حوله كلّ القبائل والعشائر في صعيد وإيمان واحد بوحدة وطن يسوده الألفة والمحبة والتضحية والفداء ؛ ليعيدوا بهذه الدولة السعودية الثانية التاريخ الممتد للدولة السعودية الأولى منذ عصر الإمام محمد بن سعود – رحمه الله – ولكن هذه المرة انتقلت العاصمة من ” الدرعية ” إلى الرياض ، والتي اختارها الإمام تركي بن عبد الله للدولة في قرار مفصلي وحاسم ، فأصبحت ” الرياض ” عاصمة للدولة السعودية الثانية ، ومنذ ذلك القرار حتى اليوم، والرياض هي العاصمة ، ؛ ولعلّ هذا القرار التاريخي يأتي لأسباب أمنية وتاريخية فقد تهدّم معظمها وسوّيت مبانيها بأرضها وأحرق جُلُّ نخيلها وزرعها، فإعادةُ بناءها أمرٌ صعب من حيث الجهد والوقت الطويل ، وقامت الرياض على أنقاض حجر اليمامة ، فالرياض ذات طبيعة خلابة بكثرة الروضات الخضراء – ومن هنا جاء اسمها ـ كما أنها محاطة بتلال تزيد من منعتها وتوفر اشتراطات التحصين والأمن ،فشهدت الرياض في عهده أعمالاً معمارية وهندسية عديدة حتى أصبحت الدرعية تابعة لها بعد أن كانت تتبعها ومن أوائل تلك الأعمال : إعادة بناء سورها، وبناء جامع كبير ولا زال موجوداً وفاعلاً في وسط الرياض الحالية بعد أن مرّ بعمليات توسعة وتجديد مستدامة عبر تاريخه وخصوصاً في العهد السعودي الحالي، وبناء قصر للحكم .

وبعد ملحمة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله – للدولة السعودية الثالثة واستعادة ملك أجداده تحت راية التوحيد الخضراء ” لا إله إلا الله محمد رسول الله ” وتحت اسم ” المملكة العربية السعودية ” ؛ لتكون عاصمة الأمّتين العربية والإسلامية ومركز ثقلها السياسي والديني والتاريخي إضافة لموقعه الجغرافي الحيوي والاستراتيجي بين قارات العالم الثلاث ومكانته الدينية بوجود الحرمين الشريفين وهذا ما جعل المملكة العربية السعودية تتمسّك بدينها دستوراً ومنهجاً ، وتستمر في نهجها وسياستها ، وهو ما تحقَّق لها على كافة الأصعدة السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية ، فالتاريخ يخبرنا إن ملوك هذه البلاد عبر حقبه المديدة والمتباعدة يحملون ذات الجينات من الرؤية العميقة والحكمة الناضجة ، والرأي السديد وهذا ما يمكّنهم من قيادة البلاد وسيادة حكمهم في بناء دولة محكمة البنيان والتطور والازدهار .

ومضة :

يقول الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء :
” لدينا عمق تاريخي مهـم جدًا موغل بالقدم ويتلاقى مـع الكثير مـن الحضارات، والكثير يربط تاريخ جزيرة العرب بتاريخ قصير جدًا ، والعكس أننا أمة موغلة في القدم ” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى