في عالمٍ تتشابك فيه المصالح وتتقاطع فيه السياسات، تبرز الرياض كمنارةٍ للحوار والتفاهم، وتأخذ دورها الريادي المستحق بكل جدارة، وتستوفي بُعدها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وأبعادًا أخرى متصلة؛ لتساهم باقتدار في صناعة القرار العالمي، وتمكين الرؤية التي انطلقت منها قبل قرون، وهي السلم العام، والازدهار المطلق، والرفاه لكل شعوب العالم دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى.
قمةٌ تاريخية تجمع بين وجهتي نظر لطالما تفرقت،ولن تكون مجرد اجتماع دبلوماسي لنقاش نقاط النزاع وعناوين المشترك، بل هو تجسيدٌ لدور الرياض المحوري في الساحة الدولية، وسعيها الحثيث لتعميم المشترك وزيادة فرصه، ليس بين غريمي الشرق والغرب فحسب، بل في كل نزاعات العالم، وأولها الحرب الأوكرانية وسلام الشرق الأوسط. وبهذا، تنشط المساهمة الفاعلة في تقرير السياسات العالمية ورؤى الشعوب المستقبلية.
برزت الرياض كوسيطٍ نزيه، يسعى لجمع الفرقاء على طاولةٍ واحدة، مستندةً إلى تاريخٍ حافلٍ بالمساعي الحميدة والوساطات الناجحة فليست الأولى وحتماً لن تكون الأخيرة. ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية وما تبعها من تصاعدٍ في التوترات الجيوسياسية والانقسامات الحادة، ما زالت وساطتها عاملةً على العديد من المستويات، لتكون وسامًا جديدًا في تاريخها المشرق ومسيرتها الإصلاحية العريضة.
قوة الرياض السياسية ومكانتها في قائمة دول العالم لا تقتصر على إيقاف النزاع، كما ذكرنا، بل تمتدّ لتشمل بناء جسور الثقة والتعاون بين الأمم، وتمكين تصورٍ جديد في طريق خدمة السياسة للإنسان، وليس لحرب الإنسان وتهجيره ورفضه والتقليل منه. كما أنها فرصةٌ لفهم معنى مهم من معاني السياسة وفلسفتها، وهو أن السياسة الحقيقية تكمن في القدرة على التأثير الإيجابي، وجمع الفرقاء، وتحقيق السلام.
ختامًا… السياسة والتأثير أداةٌ في يد من يستحقها، وهنا تحصل المملكة على استحقاقها المعهود؛ لتحقق بذلك غاياتٍ أسمى تتمثل في الاستقرار، والازدهار، والبناء، والاستدامة في العالم، وتنقل النجاح الذي تعيشه إلى خارج أسوارها، فتكون كالغيث، أينما حل نفع.