غفر الله ورحم أخي وحبيبي وصديقي وأستاذي ورفيق دربي، البروفيسور العالم العلّامة الدكتور محمد بن مريسي الحارثي، الشاعر والأديب والفيلسوف والمفكر، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة والمسلمين.
وأتقدم إلى إخوانه وأبنائه وبناته وأحفاده وأقاربه وأرحامه بالعزاء الكبير، وأعزي نفسي فيك خالداً في الأولين والآخرين بطيب الذكر ورفعة المقام وكريم الخصال.
صعبٌ أن أنعيك أيها العَلَم، وصعبٌ أن أعزي نفسي فيك، وصعبٌ أن أتحدث عنك الآن ولم يجف الدمع في عيني، ففقدك عظيم أيها المضمَّخ بالخلق الرفيع.
صعبٌ عليَّ كل حديث عنك في هذا الوقت، فإن لفقدك جرحًا في قلبي ينزف بدم الفراق، وعليك أبكي، وعليك فليبكِ البواكي، أيها القلب الناصع البياض والروح العالية الطِباق، أيها الصديق الصادق والأمين المؤتمن على الحب والوفاء.
اعذرني، فلم أستفق بعد على حقيقة الفقد حتى أُلملم شتات نفسي وأجفف دموع عيني، لكي أستطيع أن أقول عنك ما تركته من خلائق وآداب وعلوم لا تزال تتحدث عنك، ولا يزال صداها يروي الظامئين إلى مناهل أنواركم السابحة في سماوات العُلا والفخر.
اعذرني أيها الحبيب، كنت أريد، ولكن أمرُ الذي يفعل ما يريد هو الفيصل الذي قضى الأمر، ونحن على نفس طريقك سائرون، نسأل الله أن يغسلك بالماء والثلج والبرد، وأن يُنقيك من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس.
اللهم ثبّته، وأفسح له في رمسه، وجازه بالإحسان إحسانًا، وعن الخطايا فضلًا وغفرانًا، اللهم أحسن وفادته، وأكرم نزله، وتقبّله بما أنت أهله، وأنزله في روضٍ مخضود وزرعٍ منضود، واجعله من الفرحين المستبشرين، فقد كان محبًا لك، مؤديًا لعبادتك، مخلصًا قانتًا لك.
فارْضَهُ برضوانك، وأشمله بإحسانك، وأدخله في عبادك الصالحين والمخلصين الذين لهم عُقبى الدار.
والحمد لك يا الله على قضائك، تُحيي وتميت، وإنك على كل شيء قدير.
وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
محبك، عبد الله باشراحيل.