أنت لست جديراً بالمنصب ..لكل من تولى يوماً منصباً ما عبر التسلق على أكتاف زملائه الأكفاء بالاستغلال والانتهازية مع ضعف واضح في جودة الأداء، وتأخر في تنفيذ الواجبات، وتسويف في معظم المهام ومن الآخر “بضاعة رديئة” لا تسمن ولا تغني يزينها لسان غير صادق فيما يقول في كل أموره العملية ولكن للأسف وكما يقول ذلك المثل المعروف: “يعرف من أين تُؤكل الكتف”فمضت الأيام ومضي معها وهو مستيقن تمام اليقين أنه سوف يصل إلى كل يأمله من مناصب رفيعة ومن موقع لآخر، وفي واقع الأمر كل تلك المناصب لا يستحقها تماماً فما المرجو من مثل هذا المسؤول الفاشل من نتائج ذات كفاءة في دائرته من الممكن أن تخدم منظومة العمل، بل ومن المتوقع وبطبيعة الحال صعود من هم على شاكلته من المحيطين به إن تهيأت لهم نفس الظروف، وفي الوقت نفسه ظُلم للعاملين بجد وإخلاص، وللطامحين بكل نزاهة وشرف. على أي حال هو بلوى لا بدّ من الصبر عليها حتّى يرحل شريطة أن لا يتكرر بصورة مماثلة.
أنت لست جديراً بالمنصب لسان الحال لكل من تولى منصباً وجعل التعامل بينه وبين مرؤوسيه هو التبجيل الدائم لشخصه سواء فيما أصاب وفيما أخطأ، وتقدير ذاته مقدم في كل الأحوال على مسؤوليات العمل، مع سماع الثناء المبالغ في كل وقت وحين، وتكرار الإطراء الزائد غير المقبول بين وقت ووقت، والويل كل الويل من عدم تعظيم حضوره حين يُقبل أوحين يُغادر، أو في ضعف ترتيبات استقباله في الزيارات المفاجئة، أو حتّى الزيارات المخطط لها مسبقاً فلو حدث أن كان هناك بساطة في الاستقبال، أو تواضعاً في الترحيب فهنا سيُصبح سير الزيارة أشبه بالانتقام الشخصي فيتم تناسي المهام الأساسية من دعم ومساندة؛ لتُشخصن الأمور المتعلقة بالزيارة، ويصبح الشغل الشاغل هو البحث عن الأخطاء العابرة حتّى ولو كانت صغيرة لذلك المرؤوس وكان الله تعالى في عونه حتّى ولو كان من أجدر وأنجح الموظفين.
وأنت أيها المثابر ..يامن اجتهدت على نفسك كثيراً منذ أول بداياتك الوظيفية وفي أول أيام شبابك الزاهي وكنت تتخذ من الأفذاذ السابقين في مجالك المختص قدوة حسنة في كل خطاك، فتزودت في البدء بالعديد من العلوم والمعارف، ثم تعمقت فيها، مع تسليمك بهذه الحقيقة القرآنية الراسخة بأن: (وفوق كل ذي علم عليم) وحرصت على نيل المهارات والمفاهيم اللازمة لأي مرحلة عملية من حيث إدراك كل صغيرة وكبيرة في اختصاصك، والاستفادة من الخبرات العميقة والتجارب العملية، واستخدام التقنيات الحديثة في كل أعمالك وتوجت كل ذلك بالخلق الحسن، والرؤية العميقة فسوف يكون في الحقيقة أن المنصب هو من يسعى إليك وأنت حينها تكتفي لتقول في داخلك وبكل تواضع: (لكل مجتهد نصيب) أنت فقط من يستحق المنصب اللائق بك وبكل جدارة، أما فيما ذكر أعلاه فمن الممكن أن نقول وباختصار شديد: أنت لست جديراً بالمنصب أيها المتسلق، وأنت أيها المغرور وكفى.