عام

الدور المتنامي للمملكة.. ريادة وفعالية وتأثير

ينطوي الاجتماع الذي شهدته الدرعية الثلاثاء بين مسؤولين أمريكيين وروس كبار على أهمية خاصة، كونه الأول من نوعه وباعتباره خطوة تحضيرية للقاء القمة المرتقب بين الرئيسين الأمريكي ترامب والروسي بوتين، وكونه يعقد في الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى، وما يحمله ذلك من دلالات، خاصة وأنه يأتي متوافقًا مع ذكرى احتفال المملكة بيوم التأسيس، وما يعنيه ذلك من رسالة واضحة برسوخ الكيان السعودي بناءً وانسان، كما أن الدرعية بمظاهر تراثها الشعبي تؤكد على عمق الحضارة التي تضرب بجذورها في هذه الأرض الطيبة منذ عهد الأجداد. اللقاء الذي استمر أربع ساعات بين مسؤولي البلدين وبحضور سمو وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ومستشار الأمن الوطني مساعد العيبان، بهدف تحسين العلاقات الأميركية الروسية، وتحديد موعد للقمة الروسية – الأمريكية للتوصل إلى حل للنزاع الروسي – الأوكراني، أثبت مجددُا على الدور السعودي المحوري كوسيط فاعل ومؤثر بين الأطراف المتنازعة، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
أهمية أخرى للقاء أنه جاء بعد ستة أيام فقط من المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين ترامب وبوتين، والتي أبدى فيها الرئيس ترامب رغبته في عقد قمة مع الرئيس الروسي في الرياض يشارك فيها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في إشارة إلى أهمية المملكة العربية السعودية – من خلال تحديدها مكانًا للقمة المرتقبة ومن خلال مشاركة سموه- ونفوذها المتزايد وحيادها الاستراتيجي ودورها وسيطا عالميا فاعلاً ومؤثرًا.
اللقاء الهام الذي شارك فيه من الجانب الأمريكي وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف. ومن الجانب الروسي، وزير الخارجية سيرغي لافروف، والمستشار الدبلوماسي للكرملين يوري أوشاكوف
اجتماع غير مسبوق شهدته قاعات قصر الدرعية في العاصمة السعودية الرياض، حيث انطلقت محادثات بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا برعاية سعودية تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين القوتين العظميين وتعزيز الأمن والاستقرار العالميينشكل خطوة مهمة على طريق تحسين العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بما يمهد الطريق ويوفر ظروف مواتية لنجاح القمة المرتقبة.
هذا الحدث السياسي الهام وما سيتبعه احتل حيزًا مهما في وسائل الإعلام الغربية، حيث ذكرت صحيفة “يو إس توداي” إن اختيار ترمب للسعودية كموقع للقمة الأولى مع بوتين يعد خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية واستقطاب الاستثمارات وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين،
وأشارت مجلة “نيوزويك” الأمريكية إلى أن تحركات السعودية في هذا الإطار تبرزها كلاعب دولي رئيسي، خاصة في ظل مشاركتها الفاعلة في القضايا العالمية مثل أوكرانيا وغزة. من جهتها، أفادت وكالة “بلومبرغ” بأن ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان يسعى، من خلال ما يبذله من جهود، إلى تعزيز دور المملكة كمركز دبلوماسي عالمي وصانع سلام، خاصة في ظل التنافس الدولي المحتدم. وأكدت أن انعقاد القمة في الرياض سيعزز صورتها كموقع رئيسي لاستضافة الفعاليات الدولية رفيعة المستوى، مشيرة إلى أن المملكة كانت في السابق منصة لمناقشة ملفات حساسة، مثل القضية الفلسطينية ومستقبل سوريا وإنهاء النزاع في السودان. ووفقًا لوكالة “رويترز”، فإن استضافة السعودية للمباحثات الأمريكية-الروسية لم يكن أمرًا عشوائيًا، بل يعكس نفوذها المتزايد وحيادها الاستراتيجي، فقد كانت المملكة حليفًا تاريخيًا للولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته، أقامت تعاونًا وثيقًا مع روسيا في مجال السياسة النفطية، كما قدّمت نفسها كوسيط منذ اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية.
هذا الزخم السياسي والدبلوماسي المتزايد للمملكة الحاصل الآن، لم يأت من فراغ، وإنما جاء نتيجة جهود متواصلة ظلت تبذلها الرياض عبر عقود عدة كوسيط محايد لإنهاء النزاعات والخلافات بين الأطراف المتنازعة، وحل القضايا الدولية بالوسائل السلمية والدبلوماسية، وبذل المساعي الحميدة لإحلال الأمن والسلام في المنطقة وفي العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى