المقالات

التأسيسُ رمزيّةٌ ثريّةٌ

حدث تاريخي برمزية ثقافية، سياسية، واجتماعية، وعمق يسطر هوية استثنائية، وأمجادًا تصنع فيك الفخر، كما تصنع فيك شحذًا للهمة، لتكون كما ينبغي في مستقبل مشرق يباهي بك وتباهي به.

هذا اليوم لا يمثل مجرد ذكرى لتأسيس دولة ذات حدٍّ مكاني وكيانٍ سياسي، بل هو تأريخ لبدايات عميقة أُرسيت جذورها عام 1727م (1139هـ)، لتصبح الدرعية منطلقًا لبناء الجذر الأول لقيمة الإنسان، وصنع الحضارة، ومجد السلف للخلف.

يوم التأسيس يحمل في طياته دلالات عميقة ترتبط بمفهوم الوجود الجماعي والكينونة الثقافية ففي هذا اليوم، لا نستذكر فقط صيرورة الأحداث وما آلت إليه، بل نتأمل كيف تشكلت الهوية الوطنية وصمودها عبر تحديات الزمن وتحديات المحيط من جهة أخرى، كما تبرم الذاكرة عقدًا مع الكثير من القيم والمفاهيم التي رسمت الخارطة الكلية والمساق الأول، وكيف لقوة الإرادة الجماعية أن تحقق الأحلام التي يراها قصيرو النظر حلمًا بعيدًا ومؤمَّلًا لا يتحقق.

فيه ومعه يمكن النظر إليه بوصفه حدثًا يبرز دور القيادة في صياغة الوعي الجمعي وإدارة التحولات الكبرى، فالإمام محمد بن سعود طيب الله ثراه، الذي يُعزى إليه تأسيس الدولة السعودية الأولى، لم يكن فقط قائدًا عسكريًا أو سياسيًا، بل كان صاحب رؤية استراتيجية تؤمن بضرورة الوحدة والاتحاد بين أبناء الجزيرة العربية لتحقيق استقرار مستدام ومجتمع مزدهر، ولعل هذا جزء من موروثه لمن جاء بعده وصولاً للدولة الحديثة والاسم الملهم (المملكة العربية السعودية) وقادتها، فكل اسم منهم قد أخذ حقه في تحقيق تلك الوحدة وتمكين الاستقرار والريادة إقليمياً وعالمياً وها نحن اليوم نعيش الكثير منها، بل ولله الحمد قد شكلت المملكة رمزا ملهماً يشار إليه فاجتمع الحزم والعزم والرؤية والطموح، فكانت قصة نجاح، بل و”أعظم قصة نجاح عرفها القرن ٢١” كما قال سمو سيدي ولي العهد.

أي يوم يُعلل السرد مجــــــــــــــدا***وتُصاغ الحياة بالمجد سردا

اي عز تخلل الروح فخــــــــــــــــراً ***وكذا الزهو حين يُنشد وردا

حُق لي الفخر يوم تأسيس فخري***وطني أنت للمعاليَ مــــدّا

وللفخر بقية

يعكس يوم التأسيس مفهوم “الذاكرة الجمعية”، حيث تتحول الأحداث التاريخية إلى مصدر إلهام وإطار مرجعي للأجيال المتعاقبة، ففي هذا السياق يُستحضر يوم التأسيس كحاضنة لقيم الشجاعة، الوحدة، والتطلع إلى المستقبل، مما يعزز الفخر نمطاً من أنماط الحياة الذي نعيشه في كل تفاصيل هذا الوطن.

الاحتفاء وتخليد الذكرى بات مناسبة للتأمل في ملامح الهوية هويتنا، وما امتزج بها من أصالة ومعاصرة وحداثة وتراث وقديم وجديد ومستقبل يستقي من الماضي ما يبقيه نموذجاً فريدًا لدولة تحترم تراثها الثقافي، في ذات الوقت الذي تسعى فيه إلى نهضة تنموية مستدامة.

ختامًا… يظل يوم التأسيس شاهدًا على أن الأمم التي تُدرك عمق تاريخها، وتتمسك بجذورها الثقافية، هي القادرة على تحقيق تطلعاتها المستقبلية، فالهوية الوطنية فعل يستمد قوته من الماضي ليصوغ به معالم المستقبل.

رياض بن عبدالله الحريري

كاتب وصانع محتوى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى