المقالات

الدكتور هاشم .. شخصية كل الأعوام الإعلامية

كانت علاقتي بـالدكتور هاشم عبده هاشم ممتدة منذ أن كنت طالبًا في الجامعة في نهاية السبعينيات الميلادية، حيث كنت أقرأ مقالاته السياسية والاجتماعية والفكرية، ثم خلال فترة عملي كمحرر صحفي متعاون في جريدة الرياض، حتى مرحلة ابتعاثي إلى أمريكا في عام 1984.

كان لقائي الأول بـأبي أيمن عام 1981، عندما كلفتني مجلة الحرس الوطني بإجراء عدد من المقابلات الصحفية مع شخصيات رياضية بارزة في جدة، استعدادًا لإصدار رياضي بمناسبة كأس العالم في إسبانيا 1982. وكان على رأسهم الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله-، والتقيت خلال ذلك بـالدكتور هاشم، الذي كان حينها رئيس تحرير صحيفة عكاظ. لفت نظري مكتبه الصغير جدًا، الذي يعكس شخصيته العملية الدقيقة، المنتجة، والمنضبطة، حيث لم يكن يهدأ عن العمل ومتابعة الأحداث.

غادرت للابتعاث، وكانت عكاظ خياري الأول لمتابعة أخبار المملكة والنشاط المحلي والاجتماعي والفكري.

بعد عودتي إلى المملكة عام 1990، وحصولي على درجة الدكتوراه، وتعييني أستاذًا مساعدًا في كلية الملك خالد العسكرية، بدأت الكتابة الأسبوعية في جريدة الرياض، عبر الزميلين الأستاذ حمد الراشد والدكتور سامي المهنا -رحمه الله-، وكنت أتناول قضايا الشأن المحلي، مثل الأحوال المدنية، رؤية الهلال، والسلامة المرورية.

في عام 1992، عرض عليّ الدكتور هاشم العمل مديرًا لمكتب جريدة عكاظ في الرياض، عبر الدكتور سامي المهنا، الذي تم ترقيته إلى مدير تحرير وكان يرغب في الانتقال إلى جدة.

بدأت العمل متعاونًا لمدة عامين، حيث كنت أتواجد في مكتب عكاظ في الرياض كل ظهر بعد انتهاء دوامي في الكلية. وهنا توطدت علاقتي بالدكتور هاشم عبر التواصل اليومي، حيث كانت مدينة الرياض قلب الحدث وصناعة القرار، وكان من الضروري مواكبة ذلك إعلاميًا.

بعد ذلك، طلبني الدكتور هاشم للعمل متفرغًا لمدة عامين، تم خلالها بناء مطابع عكاظ في الرياض، وطباعة نسخة عكاظ في الرياض، مما أدى إلى إطلاق طبعة ثانية وثالثة، تنافس الرياض والجزيرة، وهو ما انعكس على زيادة ملحوظة في التوزيع والتسويق. وخلال هذه الفترة، تصدرت عكاظ التوزيع على مستوى المملكة، وهذا يرجع إلى توفيق الله، ثم إلى حسن قيادة الدكتور هاشم.

أستطيع أن أقول إن الدكتور هاشم عبده هاشم يتميز بعدة صفات، منها:
1. الجدية والانضباط والعمل المتواصل: كان يمكن أن يتصل بك في أي وقت ليكلفك بمهمة جديدة، ولهذا كانت عكاظ سبّاقة دائمًا في الحصول على الأخبار والتعليقات والتحليلات.
2. تقديره للعاملين معه وإنصافهم: أتذكر عندما كلّفني بتغطية مؤتمر قادة مجلس التعاون في أبوظبي عام 1992، ثم بعدها بتغطية مؤتمر قمة الأرض في البرازيل، حيث كنت الصحفي السعودي الوحيد هناك. وخلال وجودي في البرازيل، فاجأني بتعييني نائبًا لرئيس تحرير عكاظ في المنطقة الوسطى، بدلاً من مسمى مدير مكتب الرياض، مما زاد من حماسي وإنتاجي.
3. روح القيادة والفهم العميق للأحداث: قاد عكاظ بتميز خلال غزو العراق للكويت وحرب الخليج، حيث كانت الصحيفة متفوقة في تغطياتها وتحليلها للأحداث.
4. اهتمامه بالمعلومات والتوثيق: أسس أكبر مركز معلومات داخل الصحيفة، مما جعل عكاظ تتصدر في مواكبة الأحداث ومدّ القارئ بالمعلومات المهمة.
5. علاقته الوثيقة بالقيادة: خلال عملي في عكاظ، كان لي شرف متابعة أحداث منطقة الرياض والتواصل مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- عندما كان أميرًا للرياض، حيث قدم دعمًا كبيرًا لعكاظ، ومن ذلك حصول الصحيفة على قطعة أرض كبيرة لإقامة منشآت جديدة.
6. علاقته المهنية مع الصحف الأخرى: رغم التنافس الشديد بين عكاظ والرياض، إلا أن العلاقة بين الأستاذ تركي السديري -رحمه الله- والدكتور هاشم كانت قائمة على المهنية والاحترام المتبادل.

دوره في دعم التعليم والإعلام التربوي
• خلال عملي مديرًا عامًا للإعلام التربوي في وزارة التعليم، كان الدكتور هاشم داعمًا قويًا، حيث وافق على إدخال جريدة عكاظ بسعر مخفض في المدارس، بعد اقتراحي ذلك على الدكتور محمد الرشيد -وزير التعليم آنذاك-، لمواجهة نقص الإصدارات الوطنية، التي كانت تعاني من سيطرة التيارات الحزبية على التعليم.
• وخلال عملي في وزارة الداخلية لمدة 17 عامًا، كان متميزًا في تغطية قضايا مكافحة الإرهاب، حيث برزت عكاظ في هذا المجال.

وفي الختام، أقدم الشكر الجزيل لمعالي وزير الإعلام، ولـالمنتدى السعودي للإعلام، ولجان الاختيار، على إنصاف هذه الشخصية العظيمة، وهذا التكريم المستحق. وأعتز بأنني ممن تتلمذ على يده، وأسأل الله أن يمده بالصحة والعافية، ويطيل في عمره.

• نائب رئيس تحرير عكاظ بالمنطقة الوسطى سابقًا
• رئيس مركز تعارفوا للإرشاد الأسري

د. سعود صالح المصيبيح

مستشار في مكتب وزير الداخلية سابقاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى