على مدى ثلاثة قرون مضت منذ طلوع فجر الدولة السعودية الأولى كانت وما زالت رمال صحراء الجزيرة العربية أكبر شاهدٍ حي على رحلة الأجداد في توحيد المملكة العربية السعودية على يد الإمام محمد بن سعود في عام 1727م (١١٣٩هـ). في منطقة الدرعية ، فلم تكن تلك الصحاري مجرد أرض قاحلة؛ لا حياة بها بل كانت ساحة للكرامة، وأرضًا اختلطت فيها دماء الأبطال مع ترابها ، وراقبت حبات رمالها تلك التضحيات الكبيرة التي بذلها الأجداد وكانت رفيقة درب للعديد من الأبطال الذين سطروا فوق تلك الرمال بدمائهم أجمل صفحات التاريخ التي جسدت صمودهم وإرادتهم القوية في توحيد وطن كان في حاجة ماسة إلى الحرية والاستقرار. فتحقق لهم بفضل الله عز وجل ثم بعزيمتهم ما أرادوا حيث انطلقت من بين تلك الكثبان الرملية قصة رحلة تأسيس المملكة العربية السعودية، التي ستبقى واحدة من أعظم قصص النجاح في تاريخ الشعوب والتي لا تزال راسخة في كل زاوية من زوايا هذا الوطن العظيم .
ومن هنا ندرك أهمية صدور التوجيهات الملكية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده لأمير محمد بن سلمان عراب رؤية ٢٠٣٠ سلمه الله بالاحتفاء ببوم التأسيس نظراً لكون هذا اليوم العظيم يشير إلى بداية الوحدة الوطنية التي جسدتها الدولة السعودية الأولى، التي شكلت حجر الزاوية للوحدة الوطنية التي تمت لاحقًا على يد موحد هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز آل سعود- طيب الله ثراه – تحت راية المملكة العربية السعودية فهو يوم يرمز للتاريخ العريق ويُعزز الوعي الوطني، ويشجع الأجيال الحالية والقادمة على المحافظة على القيم التي أسست عليها المملكة العربية السعودية والمضي قدمًا نحو مزيد من التقدم والازدهار كما يسهم في تعزيز الهوية الوطنية، وربط الأجيال الجديدة بتاريخهم المجيد. ويمثل كذلك تذكيرًا بالجهود الكبيرة التي بذلها الأجداد من أجل بناء دولة قوية ومستقرة، يمكنها مواجهة التحديات ومواكبة التطورات الحديثة.
وختام القول فإن تاريخ قيام الدولة السعودية لم يكن مجرد عملية سياسية أو عسكرية، بل كان معركة طويلة في مواجهة قسوة الطبيعة وصعوبة التضاريس، حيث كانت الصحراء، رغم قسوتها هي الحاضنة للأمل وملاذ الأجداد الذين حاربوا من أجل حلم الوطن الموحد ولم يكن مجرد توحيد جغرافي، بل كان توحيدًا للقلوب، حيث أصبح السعوديون بعد ذلك، جزءًا من تلك الرمال التي أهدت لهم وحدتهم وأرست أسس مملكتهم.، وأصبح يوم التأسيس جزءًا من خطة وطنية لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، حيث يُركز على تسليط الضوء على التراث السعودي الغني والمتنوع، وكذلك الاستمرار في بناء مستقبل مشرق يعكس تطلعات قيادتنا الرشيدة والشعب السعودي الأبي .
همسة قلم :
من يثرب الإسلام لآم القرى
كل الجبال وحبات الرمال
آل السعود إمامها