المقالات

الدكتور هاشم عبده هاشم.. عملاق التحرير وسيد القلم

عملاق التحرير الصحفي وسيد القلم الأزرق – الكاتب المبدع – والأحمر – الرقيب الحصيف – بصفته رئيس تحرير، كان يصوب بعض مقالات الكُتّاب بحكمة وبُعد نظر. ورغم أنني لم أتعرف عليه شخصيًا، ولم ألتقه يومًا، إلا أنني كنت أحد كُتّاب صحيفة “عكاظ” منذ التسعينيات، وتتلمذتُ على طريقته في التحرير من خلال مقالاتي في الصحيفة. لقد كان بارعًا بحق.

أذكر أنني في التسعينيات كتبتُ مقالًا بعنوان “العراق يا سادة الفكر”، خلال الحرب الأمريكية على العراق في عهد بوش الابن، الذي أسقط صدام حسين، في مقالي، استصرختُ فيه كبار الكُتّاب وأصحاب الرأي لإنقاذ العراق قبل أن تتبدّل ثقافته، واستشهدتُ ببيت من الشعر:

مَن ذا أصابكِ يا بغدادُ بالعينِ
ألم تكون يومًا قُرّة العينِ

لكنني فوجئتُ بنشر المقال دون الشطر الثاني من البيت، وهنا أيقنتُ مهارة رئيس التحرير، وعرفتُ المغزى من حذفه.

حين رحل الدكتور هاشم عن الصحيفة ثم عاد مرة أخرى، ابتهجتُ بعودته، فأنشدتُ أبياتًا احتفاءً به:

يا هاشمًا طِبتَ وطاب الحبر والورقُ
وعلا المقامُ فأنت الرمزُ والعَلَمُ
ما إن رحلتَ بكت أقلامُنا كمدًا
وحين عدتَ زكَى القرطاسُ والقلمُ

كان يمتلك حسًّا تحريريًا عظيمًا، يجعلك حين تكتب المقالات تُدرك أنك أمام هرم صحفي شامخ، لا تفوته صغيرة ولا كبيرة. وأذكر موقفًا يعكس تواضعه التحريري؛ فقد أرسلتُ إليه مقالًا كتبته بالقلم الرصاص، على عجل، أثناء وجودي في السيارة، بعنوان “ابن حميد وحكمة الخطاب الإعلامي”، يتناول حكمة الشيخ صالح بن حميد، رئيس مجلس الشورى آنذاك. ورغم استعجالي وخطي المائل، نُشر المقال كما هو، دون تعديل، تقديرًا لمضمونه.

لقد عاصرتُ الدكتور هاشم عبده هاشم لسنوات طويلة من خلال مقالاتي في صحيفة “عكاظ”، وأقولها بكل ثقة، وأنا الخبير في الإعلام لأكثر من ثلاثين عامًا، ورئيس قسم الإعلام في جامعة أم القرى سابقًا: هاشم عبده هاشم أحد سادة التحرير الصحفي في المملكة العربية السعودية والعالم العربي.

تشرفتُ قبل شهرين بحضور حفل تكريم أخي الحبيب الأستاذ عبدالله الزهراني، رئيس تحرير صحيفة مكة الإلكترونية، في الطائف. وقلتُ له حينها: “أراك تسير على خُطى صعبة، وتُذكرني بأمهر رئيس تحرير عاصرته، الدكتور هاشم عبده هاشم”. وبالفعل، يُعدّ الزهراني من أكفأ رؤساء التحرير الحاليين.

هنيئًا لك، دكتور هاشم، بهذا التكريم الإعلامي السنوي، وكما قال الزميل الدكتور سعود المصيبيح في مقاله بهذه الصحيفة: “أنت شخصية كل الأعوام الإعلامية”.

• أستاذ الإعلام الدولي ورئيس قسم الإعلام بجامعة أم القرى سابقًا

د. محمد هندية

استاذ الإعلام الدولي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى