المقالات

القيادة الملهمة (٢)

القيادة عنصر أساسي في تحسين وتطوير المنظمات وتحقيق أهدافها؛حيث تتجلى أهميتها في ترجمة رؤية المنظمة إلى واقع ملموس، مع نشر ثقافة التطوير بين العاملين. فهي تتمحور حول تحديد الأهداف ووضع الخطط اللازمة لتحقيقها، لكنها لا تتوقف عند ذلك، بل تشمل التحرك الفعّال نحو تحقيق هذه الأهداف بكل الوسائل المتاحة، فالقادة الحقيقيون هم الذين يمتلكون القدرة على التأثير في فريقهم لتحقيق التفاعل الإيجابي لبلوغ الغاية التي يسعون إليها بأيسر الطرق. وعلى القادة أن يبدؤوا بالتعرف على أنفسهم أولًا، ثم العمل على تطوير مهاراتهم وقدراتهم ليتمكنوا من قيادة أنفسهم في البداية، قبل الانتقال إلى قيادة الآخرين. وتُعد هذه المرحلة من أهم مراحل القيادة الناجحة؛إذ إنها رحلة تعليمية مستمرة مدى الحياة، لا تنتهي بمرحلة أو سلطة معينة.

فالقيادة الإبداعية هي متطلب وأمر ضروري، وتحتاجه المنظمات، وتبحث عمن يمتلك هذه المهارة وينميها. وهذا يتطلب أن يتفاعل القائد مع فريقه بآرائه وخبراته، ويشركهم في وضع الخطط والبرامج التي تسهم في تحسين الأداء، بحيث يحقق دورًا فعّالًا في تقليل ضغوط العمل وإدارة الأزمات بكفاءة، من خلال الاستفادة من التجارب الحديثة من حوله، و إشراك الآخرين في اتخاذ القرارات وعدم الانفراد بها؛ مما يسهم في بناء قيم المنظمة مثل التعلم الذاتي، التعاون، الإنصات، والقيادة التشاركية.

وعندما تظهر الحاجة للتطوير نتيجة للتغيرات المحيطة وتأثيرها على المنظمات، فإن الإبداع يصبح عنصرًا حيويًا في عملية التطوير لضمان استمرارية المنافسة وتحقيق التحسين المستمر. وبالتالي، فإن القائد الذي يشجع الابتكار والعمل الجماعي يقود المنظمة نحو التميز والإبداع.

وتعد العلاقات الإنسانية أحد العوامل المؤثرة بشدة في تعزيز الثقة بين العاملين؛ حيث تعمل على إزالة الحواجز بين القائد وفريقه، وتوفر بيئة عملإيجابية تفاعلية تشجع على التميز، وتسهم في تحقيق إنجازات ملموسة للمنظمة.

فالقائد الملهم هو من يعزز القيم المهنية ويؤصلها لدى العاملين؛ لتصبح جزءًا من سلوكهم، وتحفزهم على التفاعل الإيجابي داخل الفريق من خلال القدوة، والعدالة، ودعم التطور عبر تحديد الاحتياجات التدريبية وتحسين أنظمة العمل وإدارة العمليات، وهنا يحقق القائد تميز المنظمة ويرفع من كفاءتها وجودتها بشكل مستدام.

إن القيادة المـُلهمة هي التي تخلق بيئة تفاعلية قادرة على صناعة التغيير والتطوير والتحسين والجودة وفق رؤية واضحة وطموحة للمنظمة والعاملين؛ بحيث يستشعر كل فرد من أفرادها دوره في تحقيق الرؤية والخطة الاستراتيجية التي تتبناها المنظمة، ويسهم في تحويلها إلى واقع ملموس ينقل المنظمة لمراحل متقدمة في مجال التنافس والتميز وصناعة التغيير.

• عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى