المقالات

الجمعيات الخيرية والمشبوهة !!

لا أحد ينكر دور الجمعيات الخيرية والعمل التطوعي في توثيق أواصر المحبة والأخوة ، وترابط النسيج الاجتماعي ، بل أن هذا العمل يعتبر شعيرة من شعائر ديننا الإسلامي الحنيف ، وميزة يتفرد بها المجتمع المسلم ، والذي حث عليه في كثير من النصوص الواردة في القرآن الكريم ، والسنة المطهرة ، ولا يخفى على كل ذي لب ما تشكله الجمعيات الخيرية من الأدوار المهمة في ترابط المجتمع ، ووحدته ، واستقراره ، وتلمس حاجاته ، والقضاء على الطبقية ، وإذابة كل الفوارق والتحزبات ، وتوحيد الرؤى والأهداف بما يضمن إسعاد المواطن ، وتحقيق مبدأ الأخوة الإسلامية تحقيقا لقوله تعالى :
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } .
ومن هذا المنطلق أخذت دولتنا المباركة على عاتقها تحقيق تلك المبادئ السامية ، من خلال الدعم السخي ، والمتابعة الجادة ، وتسهيل كافة السبل التي تضمن نجاح تلك الجمعيات ، لتحقيق الأهداف التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن وتسهم في ترسيخ مبدأ التعاون على البر والتقوى .
وكذلك فإن تلك الجمعيات الخيرية تلقى الدعم من رجال الأعمال ، بل أغلب شرائح المجتمع لا سيما في مواسم الخير كشهر رمضان المبارك ، ومن المعروف عن المجتمع السعودي أنه مجبول على حب الخير ، والبذل والعطاء بلا من ولا أذى رغبة في حصول الأجر من الله تعالى .
ومع هذا الاهتمام بتلك الجمعيات ؛ نجد أن الأثر دون المستوى المأمول مقارنة بما يُبذل من الأموال ، والغذاء ، والكساء ، وغير ذلك ، حيث نرى الكثير من الأسر المحتاجة
لا ينالها من تلك الأموال ما يسد رمقها .
ولعل ما دفعني لكتابة هذا المقال ، وحفزني على ذلك هو
تصريح لمعالي وزير الشؤون الإسلامية حيث أفاد “أن كثيراً من الجمعيات تسوق لنفسها عبر وسائل التواصل المختلفة وليس لها وجود في الواقع .”
وذكر معاليه في حديث سابق “أنه تم تشكيل لجنة لمراقبة ٢٠٠ جمعية خيرية ، وكشفت تلك اللجنة أن ٢٢ جمعية منها غير متواجدة على أرض الواقع ، ومع ذلك لا زالت تستقطب الأموال ، وبعضها عبارة عن محل صغير داخل محطة وقود وعملياتها المالية مستمرة بالاحتيال على المتبرعين ” .
كما وجه معاليه لكافة شرائح المجتمع السعودي عدم دفع الأموال لأي جمعية ، بل يتم دفعها للجمعيات الموثوقة ١٠٠٪؜ ، وحذر من دفع الأموال للجمعيات المشبوهة التي يكون لها خطر على الوطن والمواطن .
وأكد أيضاً أنه من الواجب علينا في هذا الوطن المبارك تكريس الجهود وتوحيدها لإيصال تلك المساعدات وفق القنوات الرسمية لمستحقيها .
وأمام هذه الإشكالية يقف المواطن في حيرة من أمره في ظل الكم الهائل من الإعلانات المرئية، والمسموعة ، والمكتوبة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ، والصحف ، والمنشورات ، لاستقطاب أهل الخير للمساهمات في الجمعيات الخيرية في أوجه أعمال الخير من بناء المساجد ، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم ، وكفالة الأيتام ، ومساعدة الأسر المحتاجة ، وإعانات الزواج ، وحفر الآبار ، وبناء المساكن ، وإفطار الصائمين ،وسقيا ضيوف الرحمن ، والكفّارات، والنذور، وغيرها الكثير ، وفي غالب تلك الجمعيات أنها رسمية من خلال التراخيص المدونة على تلك الإعلانات .
وهنا نلاحظ أننا بقينا في حلقة مفرغة بين واقع لا نجد فيه أثرا واضحا لتلك الأموال على المحتاجين ، وبين المؤيدين والمناضلين لصالح تلك الجمعيات وأنها نزيهة ، وأعمالها خالصة لوجه الله تعالى .
د/ فايز بن علي الأحمري

د. فايز الأحمري

كاتب صحافي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى