ضاقت؟ اشتدت؟ تعسرت؟.. إنها أول علامات الفرج فاستبشر، الفرج ينبثق عند انقطاع السُبل وأشد الظروف صعوبة، فكلما رايت أحلامك وأمانيك في وادٍ والظروف والأحداث في وادٍ آخر، إقرأ على قلبك الآية الكريمة: “لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا” (الطلاق: 1).
إجعل الطمأنينة الوحيدة التي تسكن قلبك هي أنك تحت رعاية الله – تعالى- في كل ظرف، فالله – تعالى- يقول: “إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا” (التوبة: 40).
ولمّا كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرع فيه ما يُشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن، لذلك تأهب لرمضان وجهز دعواتك وحاجاتك لهذ الشهر، فما ضاقت إلا انفرجت.
يقول الله – تعالى-: “يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ” (البقرة: 183).. كانت فرضية الصيام يوم الإثنين لليلتين خلتا من شهر شعبان في السنة الثانية للهجرة، ويعتبر شهر رمضان المبارك – بمزاياه وسجاياه وصفاته العظيمة- سيد شهور السنة على الإطلاق، ففيه أنزل القرآن، كما أن جميع الكتب السماوية نزلت فيه على الأنبياء، والمرسلين، فقد روي عن ابن عباس أن رسول الله قال: «أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان” (أخرجه أحمد في “مسنده”).”
وفضل شهر رمضان عظيم، قال -صلى الله عليه وسلم-: ” إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة” (رواه الترمذي).
وفي شهر رمضان المبارك تتزين الجنة لرمضان – من رأس الحول إلى الحول – فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” إن الجنة لتزين لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فإذا كان أول رمضان هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق أشجار الجنة فتنظر الحور إلى ذلك، فيقلن: يا ربنا اجعل لنا من عبادك هذا الشهر أزواجاً تقر أعيننا بهم وتقر أعينهم بنا” (رواه الطبراني).
ثم قال – صلى الله عليه وسلم-: فما من عبد يصوم يوماً من رمضان إلا زوج زوجة من الحور العين في خيمة من در” (أخرجه البيهقي في “شُعب الإيمان”).
وأُثر عن الرسول الكريم أنه كان يستعد لدخول شهر رمضان بالإكثار من الطاعة في شعبان، ويحث أصحابه رضوان الله عليهم على الاستعداد لهذا الشهر الكريم، ويقول: «أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء” (رواه ابن خزيمة في صحيحه).
كما كان – صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى إحياء لياليه بالقيام والذكر، وكان يدعو للتواصل مع الفقراء والمساكين والبر بهم ورعاية المدينين ومن وقع بهم الضر في أموالهم أو في أنفسهم.
وإذا كان صفاء النفس ونقاء السريرة في الشهر الكريم يدعو المسلم إلى نبذ التحاسد والتباغض والغيبة والنميمة، فإن ذلك يقتضي من المؤمنين أن يبادروا خلال أيام شعبان التي تسلمنا إلى مطلع رمضان بتصفية خلافاتهم مع الغير بروح الصفح والتسامح، ووصل صلات القربى ومعاونة الجار وتفريج كربة المعسر، والتقريب بين قلوب المؤمنين ونفوسهم وجمعها والسعي إلى الصلح بالحق والعدل بين الأطراف المتخاصمة.
اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا واختم بالصالحات أعمالنا واجعلنا من عبادك الصالحين، اللهم آمين.
• عضو مجلس إدارة شركة إثراء الضيافة القابضة

0