التراث العربي القديم حافل بالكثير من القصص والنوادر والطرائف المسلية والمضحكة، وقد اقتبسنا هنا بعضًا منها.
دخل ابن الجصّاص على ابنه الذي مات ولده، فبكى! وقال: كفالك الله يا بُنَيَّ محنة هاروت وماروت. فقيل له: وما هاروت وماروت؟ فقال: لعن الله النسيان، إنما أردت يأجوج ومأجوج! قيل: وما يأجوج ومأجوج؟ قال: طالوت وجالوت! قيل له: لعلك تريد مُنكرًا ونكيرًا؟ قال: والله ما أردت غيرهما.
سأل بعضُ الأعراب رجلًا آخر عن اسمه، فقال: اسمي بحر، فقال الأعرابي: ابن من؟ قال: ابن فيّاض، فقال الأعرابي: ما كُنيتك؟ قال: أبو الندى؛ عندها قال الأعرابي: لا ينبغي لأحدٍ لقاؤك إلا في زورق!
جاء رجل إلى الفقيه عامر الشعبي، وكان ذا دُعابة، وقال: إني تزوجت امرأة ووجدتها عرجاء، فهل لي أن أردها؟ فقال: إن كنت تريد أن تُسابق بها فردها!
وسأله رجل: إذا أردت أن أستحمَّ في نهر، فهل أجعل وجهي تجاه القبلة أم عكسها؟
قال: بل باتجاه ثيابك حتى لا تُسرق!
وسأله حاجٌّ: هل لي أن أحك جلدي وأنا مُحرِم؟
قال الشعبي: لا حرج.
فقال: إلى متى أستطيع حك جلدي؟
فقال الشعبي: حتى يبدو العظم!
كان رجل يسكن في دار بأجرة، وكان خشب السقف قديمًا باليًا، فكان يفرقع كثيرًا. فلما جاء صاحب الدار يطالبه بالأجرة، قال له: أصلح هذا السقف فإنه يفرقع.
قال: لا تخف ولا بأس عليك، فإنه يُسبِّح الله.
فقال له الرجل: أخشى أن تدركه الخشية فيسجد!
ادَّعى رجل النبوة أيام الخليفة المتوكل، فقال له المتوكل: ما معجزتك التي جئت بها؟
فقال الرجل: أعطوني امرأة أنكحها، فإنها ستلد مولودًا في الحال!
فقال المتوكل لوزيره الحسن بن عيسى: أعطه زوجتك، نرى كذبه من صدقه.
فقال الحسن: يا أمير المؤمنين، أشهد أنه نبيٌّ، وإنما يُعطي زوجته من لا يؤمن به!
فضحك المتوكل حتى هوى من على كرسيه.
يُقال إن رجلًا من أهل النحو مرض، وكان مولعًا باللغة والسجع، فعاده جاره في مرضه وسأله: ما بك؟
فقال النحوي: حُمَّى جاسية (شديدة)، نارها حامية، منها الأعضاء واهية، والعظام بالية!
فقال له جاره، وكان أميًّا: ياليتها كانت القاضية!
ويُقال إن أعرابيًّا طرق باب الحسن البصري قائلًا: يا أبو سعيد… فلم يجبه الحسن.
ثم طرق مرة ثانية قائلًا: يا أبي سعيد…
فرد عليه الحسن البصري من داخل داره: قل الثالثة وأدخل!
وأختم بقصة الرجل الذي دخل على زوجته وهو حزين، فسألته: مالك حزين؟
فقال لها: لقد أمر الحاكم بقتل كل من لم يتزوج الثانية.
فردت عليه قائلة: هنيئًا لك، لقد اصطفاك الله بالشهادة !