المقالات

الدبلوماسية الثقافية ودور الملحقيات الثقافية بالخارج

افي عالم متشابك ومتعدد الثقافات، أصبحت الدبلوماسية الثقافية أداة بالغة الأهمية في بناء جسور التواصل والتفاهم بين الشعوب. فهي تتجاوز الحدود السياسية والاقتصادية لتصل إلى أعماق الهويات الثقافية، مما يساهم في تعزيز العلاقات الدولية وتقريب وجهات النظر. إذ تلعب الملحقيات الثقافية دوراً محورياً في هذا السياق، حيث تعمل كسفراء للثقافة وتقوم بتنفيذ برامج متنوعة تهدف إلى نشر المعرفة المتبادلة والتبادل الثقافي.
إذاً ما هي الدبلوماسية الثقافية؟ هي باختصار عملية تبادل المعلومات وترويج الفنون والقيم والتقاليد والأفكار بين الأمم، فمنذ بداية القرن التاسع عشر عملت معظم البلدان وبأساليب وطرق منظمة على انتهاج سياسة ثقافية خارجية واعية تهدف إلى تنفيذ مهام سياساتها الخارجية. أدى ذلك كله إلى ظهور شكل جديد من أشكال الدبلوماسية يعرف بالدبلوماسية الثقافية. ومن أهم أدواتها: ١-التبادل الثقافي عبر تنظيم المعارض الفنية والمهرجانات الموسيقية والمسرحيات، وإرسال الوفود الفنية والأدبية للترويج للثقافة الوطنية. ٢- التعاون الثقافي وذلك ب إقامة الشراكات مع المؤسسات الثقافية المحلية. ٣- التبادل الأكاديمي عبر تسهيل تبادل الطلبة والأساتذة بين الجامعات وتقديم المنح الدراسية، إلى جانب تنظيم البرامج الثقافية في المدارس والجامعات. ٤- الحوار الثقافي من خلال تنظيم المؤتمرات والندوات حول القضايا الثقافية وتقديم الدعم للمواطنين المقيمين في الدولة المضيفة، وتنظيم الأنشطة الثقافية لهم.
في الحقيقة تلعب الملحقيات الثقافية دورًا حيويًا في بناء جسور التواصل والحوار بين الدول والشعوب، فهي تمثل واجهة للثقافة الوطنية وتعمل على نشرها وتعريف العالم بها، وتسهم بشكل فاعل في تنفيذ برامج الدبلوماسية الثقافية. ويمكن تلخيص أهمية الدبلوماسية الثقافية ودور الملحقيات في عدة نقاط أهمها:
o المساهمة في بناء جسور التواصل تقوية العلاقات بين الدول والشعوب وتقريب وجهات النظر من خلال بناء جسور التواصل الثقافي.
o المساهمة في تعزيز التفاهم المتبادل بين الثقافات المختلفة، وتزيل الصورة النمطية عن طريق الاستفادة من تواجد وتفاعل الأساتذة والطلبة بالجامعات والمعاهد.
o المساهمة في بناء الشراكات الثقافية التي تدعم الترجمة ونشر الأعمال الأدبية والفنية وتنظيم الندوات والمؤتمرات المشتركة.
o المساهمة في تعزيز العلاقات الدولية وتقوية الروابط بين الدول للعمل نحو مستهدفات التنمية المستدامة من خلال تعزيز التعاون الثقافي.
o المساهمة في بناء صورة إيجابية عن الدولة في الخارج من خلال إبراز إنجازاتها الثقافية.
o المساهمة في تعزيز الهوية الوطنية وتقدير ونشر التراث الثقافي، وأيضاً المشاركة في الاحتفالات والمناسبات الوطنية للدولة المضيفة

بكل تأكيد ومع وجود تحديات تواجهها الملحقيات الثقافية في تنفيذ برامج الدبلوماسية الثقافية مثل: الاختلافات الثقافية، والتغيرات السياسية، والقيود المالية إلّا أن أهمية تنفيذ هذا النوع من المبادرات في عالمنا المعاصر وفي ظل التحولات التي تشهدها المملكة العربية السعودية تتطلب التركيز والتخطيط الاستراتيجي التكاملي في تصميم مبادرات تخدم أبعاد الدبلوماسية الثقافية للوصول لجمهور أوسع وتحقق نتائج أفضل. لذلك فإن السؤال الأهم هو: ماذا نعتبر الملحقيات الثقافية في رؤيتنا: بُناة ثقافة أم مجرد مقدمي خدمات؟؛ لأن ذلك هو ما سيخلق الفارق.
• أكاديمي ومهتم بالتواصل الثقافي والحضاري

د. فارس المالكي

أكاديمي ومهتم بالتواصل الثقافي والحضاري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى