نظنه فرصة للكسل والنوم، وهو يحث على النشاط والحركة. يكثر فيه الانفعال والغضب، وهو يدعو للهدوء والسكينة. تزيد فيه الأوزان والكروش، وهو يدعو للتخفيف من الأكل. تكثر فيه الأمراض، وهو طريق للصحة والعافية.
إنه ضيف كريم يحل علينا كل عام، ولكننا لا نكرمه حق التكريم، ولا نستقبله كما يليق بمكانته، بل ونلصق به تهمًا وسلبيات هو بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
إنه شهر رمضان المبارك، أعاده الله علينا وعليكم وأنتم بصحة وعافية.
ما إن يحل علينا هذا الشهر المبارك حتى تبدأ ظواهر غريبة ترتبط به وهو منها براء. فليس من حِكَم وأهداف شهر رمضان الكسل والنوم، بل إنه يدعو للنشاط والحركة، لأن المعدة تكون خالية من الطعام والشراب، مما يجعل الجسم أكثر نشاطًا وخفةً في الحركة والعمل. ولم يكن في أدبيات شهر رمضان عند المسلمين الأوائل مفهوم الخمول والكسل والنوم عند حلوله، بل إن كثيرًا من الانتصارات والمعارك الكبيرة تمت في شهر رمضان، ابتداءً من غزوة بدر الكبرى التي غيرت وجه الأرض، مرورًا بفتح عمورية ومعركة عين جالوت.
وينفعل الكثير منا في شهر رمضان، بينما إحدى حِكَم هذا الشهر تربية النفس على الصبر والحلم وضبط الانفعالات.
كما أنه ليس من أهداف شهر رمضان زيادة الأكل والشرب، وبالتالي إرهاق المعدة وتحميلها فوق طاقتها، بل إن الصيام سبب رئيسي لتحسين الصحة، والمساهمة في التخفيف من العديد من الأمراض والآلام التي تصيب الإنسان.
إننا لم نظلم شهر رمضان فقط في عاداتنا السيئة التي ألصقناها بهذا الضيف الكريم، بل غفلنا أيضًا عن كثير من حِكمه ودروسه، ومنها أنه يدربنا على تغيير عاداتنا اليومية خلال فترة وجيزة، وتعديلها تدريجيًا. ففي شهر رمضان تتغير مواعيد الأكل والشرب، وتزداد صلاة التراويح والقيام، ومع ذلك يتأقلم الإنسان سريعًا، ويصبح الصعب سهلًا، وهذا درس عظيم من مدرسة شهر رمضان.
كما أن شهر رمضان يعلم الإنسان الانضباط والتقيد بالوقت، ويظهر ذلك جليًا في الالتزام بوقت الإفطار والإمساك عن الطعام والشراب.
إن شهر رمضان مدرسة مليئة بالدروس والحِكم، فعلينا أن نلتحق بهذه المدرسة، ونحرص على محاضراتها ودروسها، لنخرج منها بأعلى الدرجات، ونستفيد منها في حياتنا، إضافة إلى الأجر الكبير والثواب العظيم من رب العالمين.
