الذكريات عن رمضان والصيام في بلاد الغربة غير الإسلامية عند ابتعاثي للدراسات العليا لا تزال محفورة في ذاكرتي. عندما حلَّ شهر رمضان المبارك لأول مرة أثناء وجودي في البعثة، تذكرت الأجواء الرمضانية في وطننا الغالي، وما يصاحب هذا الشهر الفضيل من تغييرات في برنامج الدراسة، مثل الإجازة، وخصوصًا في العشر الأواخر، إضافة إلى تغيير مواعيد الحضور والانصراف بما يتوافق مع مواعيد الشهر، وعلى وجه الخصوص مواعيد الإفطار عند أذان المغرب، وكذلك مواعيد بدء ونهاية المحاضرات التي يتم اختزال مدتها نسبيًا.
وفقًا لجدولي الدراسي في جامعة جنوب كاليفورنيا (USC)، كان موعد أذان المغرب يتزامن مع إحدى المحاضرات، وصادف أن كان اليوم الأول من رمضان موعد اختبار، مما اضطرني إلى الحضور صائمًا. كنت قد حملت معي بعض التمر من بلح ولاية كاليفورنيا اللذيذ، الذي يشتهر به جنوبها، خصوصًا لوس أنجلوس، ووضعته في جيب بنطالي استعدادًا للإفطار إذا كنت لا أزال في قاعة الاختبار. كما أحضرت قنينة ماء في الجيب الآخر.
استأذنت أستاذة المادة عند حلول موعد الأذان، وهي كانت على دراية بالعادات الإسلامية في رمضان، حيث عاشت فترة من حياتها في المغرب العربي. سمحت لي بالإفطار، فتناولت تمرتين وشربت بعض الماء، ثم واصلت حل أسئلة الاختبار، والذي كان – بحسب ذاكرتي التي بدأت يشوبها النسيان – لمقرر “الإعلام والمجتمع”. بعد أن أنهيت الإجابة وسلمت ورقتي، غادرت إلى أقرب مطعم، وكان مطعمًا يقدم الهامبرغر كطبق رئيسي، فكان ذلك عشائي في اليوم الأول من رمضان؛ لا سمبوسة، ولا شوربة، ولا لقيمات!
هذه بعض الذكريات من أيام الغربة في بلاد الغرب، وخصوصًا خلال هذا الشهر الفضيل.