المقالات

من الدرعية إلى الرياض ومن التأسيس إلى قمة القمم

أحتفي شعب المملكة العربية السعودية بذكرى يوم التأسيس، وهو اليوم الذي تولّى فيه الأمير محمد بن سعود مقاليد الحكم في إمارة الدرعية سنة 1139هـ/1727م. يعرف كثيرون اتفاقية الدرعية الشهيرة، التي أُبرمت بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب سنة 1157هـ/1744م، والتي نصّت على مناصرة الإمام للدعوة الإصلاحية السلفية التي نادى بها الشيخ.

إن اختيار الشيخ محمد بن عبدالوهاب للدرعية دون غيرها من إمارات نجد جاء عن سابق إصرار وترصّد، كما يُقال، فبعد أن سعى لنشر دعوته في إمارتين سابقتين (حريملاء ثم العيينة) دون أن يحقق النتائج المرجوّة، لم يجد أمامه أنسب ولا أفضل من الدرعية، إذ كانت بلدةً مستقرة، آمنة، وقوية، وأميرها محمد بن سعود رجلٌ حازم، عاقل، يسوس الأمور برويّة وحنكة، فضلًا عن تدينه. كما أن في أسرته من ناصروا الشيخ منذ أن كان في العيينة.

عندما اختار الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذهاب إلى الدرعية، كانت هذه البلدة قد بلغت مرحلة النضج في مختلف الجوانب، وكان ذلك كما أسلفت سنة 1157هـ/1744م. لكن ما لا يعرفه كثيرون أن الوصول إلى هذه المرحلة من النضج تطلّب عملًا دؤوبًا استمر قرابة ثماني عشرة سنة، قاده الأمير محمد بن سعود منذ توليه مقاليد الحكم في الدرعية سنة 1139هـ/1727م، وحتى سنة 1157هـ/1744م، حين اختارها الشيخ محمد بن عبدالوهاب لتكون عاصمةً لدعوته الإصلاحية.

من هنا تأتي أهمية يوم التأسيس، والاحتفال بذكراه في 22 فبراير من كل عام.

ثم أصبحت الرياض عاصمةً للمملكة العربية السعودية، وأخذت مكانتها السياسية والاقتصادية تتعاظم يومًا بعد يوم، حتى أصبحت في هذا العام 1446هـ/2025م المكان الأمثل لعقد اللقاء المرتقب بين قطبي العالم، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية، وهو اللقاء الذي سيتمخض عنه إعادة ترتيب ورسم خريطة أجزاء عديدة من العالم.

إن القطبين المذكورين قلّما اتفقا على شيء، لكن اتفاقهما على اختيار الرياض لعقد قمتهما العالمية دليلٌ واضح على ما تتمتع به المملكة العربية السعودية من مكانةٍ عظمى، وعلى كونها منطقةً محايدة ومستقلة، لا شرقية ولا غربية. إن هذه المكانة التي بلغتها السعودية العظمى لم تأتِ من فراغ، ولم تكن وليدة المصادفة، بل هي ثمرة عملٍ دؤوب، وسياساتٍ محنكة قادها رجالٌ يتمتعون بدرجاتٍ عالية من الذكاء، والدهاء، والشجاعة، مستندين إلى إرثٍ تاريخي وقيادي يمتد لثلاثة قرون.

فهنيئًا لمملكتنا بقيادتها الرشيدة ورجالها المخلصين، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، سلمان الحزم والعزم، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، عرّاب الرؤية، ومهندس القفزة التي شهدتها المملكة حتى أصبحت حديث العالم شرقًا وغربًا، وشمالًا وجنوبًا.

• أستاذ التاريخ بجامعتي أم القرى والطائف سابقًا، وعضو مركز تاريخ الطائف

أ.د. متعب بن حسين القثامي

أستاذ التاريخ بجامعتي أم القرى والطائف سابقًا، وعضو مركز تاريخ الطائف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى