المقالات

أهلاً وسهلاً بشهر رمضان

بلوغ وإدراك وصيام شهر رمضان من نِعَم الله العظيمة على المسلمين؛ لأن رمضان من مواسم الخيرات التي تُفتح فيها أبواب الجنان، وتُغلق فيها أبواب النيران، وهو شهر القرآن، والتوبة والغفران، والصدقات والإحسان، وإجابة الدعاء، والعتق من النار. ومن السنة الفرح والسرور والابتهاج بقدوم الشهر المبارك.

قال الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58].

شهر رمضان نهاره صيام، وليله تهجُّد وقيام، فيجمع بين سببين من أسباب المغفرة؛ قال عليه الصلاة والسلام: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”، وقال: “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”.

في شهر رمضان يُقبل الإنسان على كلام الرحمن، على ختمات القرآن، ولك أن تتخيَّل كم ختمة تختم في رمضان؟ إنه شهر القرآن، فيجمع الصائم بين الشفيعين يوم القيامة؛ قال صلى الله عليه وسلم: “الصيامُ والقرآنُ يَشْفَعانِ للعبدِ، يقولُ الصيامُ: أَيْ رَبِّ، إني مَنَعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ، فَشَفِّعْنِي فيه، ويقولُ القرآنُ: مَنَعْتُهُ النومَ بالليلِ، فَشَفِّعْنِي فيه؛ فيَشْفَعَانِ”.

شهر رمضان تتآلف فيه القلوب، وتتوحَّد الصفوف، وتجتمع كلمة أهل الإيمان؛ شهرٌ واحد، ورؤية واحدة، وهلال واحد، وفيه تفطير للصائمين، وعطف على الفقراء والمساكين، وفيه لين الكلام، وبرٌّ، وجودٌ، وإحسان؛ كل ذلك في رمضان، فيجمع الصائم مؤهلات الحصول على غرف الجنة التي أعدَّها الرحمن لأصحاب هذه الأعمال الصالحة؛ قال صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَلَانَ الْكَلَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ”.

يأتي شهر رمضان فتتغيَّر الأحوال إلى أفضلها وأعدلها؛ فتتحسَّن الأخلاق، وتنزل الرحمات والبركات، وتُصفَّد فيه الشياطين، وتتهذَّب السلوكيات والتصرُّفات؛ ولذا نفقه حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تهنئة الصحابة والأمة بقدوم هذا الشهر الكريم؛ قال صلى الله عليه وسلم: “أَتَاكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ” [صحيح الترغيب والترهيب].

قال العلماء: وذلك لأمرين: لكي يلفت انتباههم إلى فضله ومنزلته، ولكي يُعلي من الهمم، ويحفزهم على عمارة أوقاته.

قال ابن رجب رحمه الله: “هذا الحديث أصلٌ في تهنئة المسلمين بعضهم بعضًا بهذا الشهر الكريم”.

إنه شهر مبارك، ومن بركته: إقبال النفوس على الطاعات، مغفرة الذنوب والسيئات، ومضاعفة الأجور والحسنات.

فاغتنموا مواسم الخيرات بالمسارعة إلى الطاعات، والمسابقة إلى الخيرات، لتفوزوا بدخول الجنات.

د. زياد بن منصور القرشي

المستشار والباحث الشرعي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حياك الله الدكتور زياد القرشي إنك دائماً في الموعد تتحفنا بهذه الكلمات العطرة في هذا الشهر المبارك بارك الله فيك وجزاك الله عنّا وعن الإسلام والمسلمين كل خير وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى