إنَّ جنوح الشجعان إلى صنع السلام وإحلاله بديلاً عن الحرب، وجعله الخيار الأفضل لتحقيق التطور والازدهار والرقي الإنساني، هو في حد ذاته فخر وشجاعة.
ولا يدرك قيمة السلام النفسية والروحية والاجتماعية والمادية إلّا من ذاق ويلات الحرب، سواء كان منتصرًا أو مهزومًا. وكما قال الشاعر زهير بن أبي سلمى:
وما الحربُ إلّا ما علمتم وذُقتُمُ
وما هو عنها بالحديث المُرجَمِ
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً
وتضرُّ إذا ضرَّيتموها فتضرمِ
فتعرككم عرك الرحى بثفالها
وتلقح كشافًا ثم تنتج فتتئمِ
ونحن، كسعوديين، نشعر بالفخر والسرور لأن المملكة العربية السعودية تستضيف اجتماعًا بين مسؤولين أميركيين وروس للتحضير للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة الوضع في أوكرانيا.
وقد صرّح المتحدث باسم الكرملين قائلًا: “إن اختيار السعودية لعقد الاجتماع جاء باعتبارها مكانًا يناسب كلًّا من روسيا والولايات المتحدة الأميركية.”
ولا شك أن السعودية، بفضل الله، هي المكان الأمثل لصناعة السلام في الماضي والحاضر والمستقبل، وهي في هذا تمثل الأمة العربية والإسلامية بأسرها.
وقد تحدّث الكثيرون عن هذا اللقاء وأهميته، وعن أهلية المملكة لاستضافته، ولهذا أعبّر عن شعوري كمواطن سعودي تجاه هذا الحدث الكبير من زاوية إنسانية، إذ إن السلام غاية كل محبٍّ للخير. وأقسم صادقًا أنني أشعر بالسعادة والفخر والاعتزاز لمساهمة بلادي فيما ينفع البشرية. فنحن نحب الآخرين، ويعيش بيننا أكثر من سبعة عشر مليون إنسان يساهمون معنا في بناء وطن عظيم، كما يزورنا الملايين من الحجاج والمعتمرين والسياح، ونفخر بهم، ونسعى لجعل تجربتهم إيجابية وسارة، حتى تتكرر.
إن سعادتنا لا تكتمل إلّا بسعادة الآخرين، ومشاركتنا العالم في أفراحه وأتراحه. فنحن ندرك أهمية العلاقات الإنسانية، وتربطنا بدول العالم روابط إنسانية وتجارية ودبلوماسية ناجحة ومثالية. ومحبة الآخر واحترامه جزء من ديننا وثقافتنا.
ونشكر الدول العظمى التي شرفتنا بالاختيار، ونعمل على تجاوز توقّعاتها منّا، حكومةً وشعبًا. ومرحبًا بضيوفنا النبلاء الشجعان، القادرين على خوض الحروب، والذين يمتلكون أسلحة نووية، لكنهم اختاروا ما هو أصعب من الحرب، وهو السلم والجلوس إلى طاولة المفاوضات لحل النزاعات، ليكونوا قدوة في إبراز جانب الخير والعطاء والرحمة.
إن وقف إزهاق الأرواح، ومنع دمار الأرض، والحدّ من تلوث البيئة، ونبذ ثقافة الكراهية، كلها غايات سامية. وها هم القادة المجتمعون في أرض السلام يقدمون صورة إيجابية عن قوى الخير في خدمة البشرية جمعاء.