جاءت الخطة المصرية التي تبنتها القمة العربية الطارئة التي انعقدت في القاهرة الثلاثاء بالإجماع ردًا على اقتراح الرئيس ترامب في الخامس من فبراير الماضي بطرد الفلسطينيين من غزة وتحويلها إلى وجهة سياحية، حيث أيدت الخطة إعادة إعمار غزة على مراحل بتكلفة 53 مليار دولارمع ضمان بقاء الفلسطينيين، وتحويلها إلى جزء من دولة فلسطينية مستقبلية. ويذكر أن جزءًا كبيرًا من العالم رفض خطة ترامب، ووصفها بأنها بمثابة تطهير عرقي.
وينبغي في البداية الإشارة إلى كلمة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان نيابة عن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والتي أكدت على ثوابت الموقف السعودي على النحو الآتي:
رفض المساس بحقوق الشعب الفلسطيني – رفض سياسة الاستيطان والتهجير – المملكة مع حل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره – التأكيد على ضرورة إيجاد ضمانات دولية لوقف النار في غزة- إعادة إعمار غزة يجب أن يتم ببقاء أهلها فيها- ضرورة توفير ضمانات تؤكد عدم عودة الحرب إلى غزة – ضرورة إنهاء الوضع الكارثي في غزة.
وتنص الخطة المصرية التي وضعت كبديل لخطة ترامب، على تعيين تكنوقراطيين مستقلين يديرون غزة لمدة ستة أشهر، مع تأييد حل الدولتين، ودعم وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. وتدعو الخطة أيضاً مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى نشر قوة حفظ سلام دولية لتأمين غزة والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وهي خطوة هامة لتأمين حماية الأهالي.
ولعل أهم ما يميز سياسات ترامب في فترة حكمه الثانية قابليته للتراجع، وهو ما أمكن الاستدلال عليه من تخفيفه من موقفه إزاء غزة، فقد صرح مؤخرًا بأنه “لا يفرض” فكرته بشأن غزة على أي شخص. ورغم موافقة حماس على الخطة المصرية، إلا أن رفض إسرائيل الخطة- وهو ما كان متوقعًا- يعني أن هناك صعوبات ستعرقل تنفيذ الخطة على أرض الواقع، إلا أن رد الفعل الأمريكي على الخطة سيشكل عاملاً مهمًا في إمكانية نجاحها.
الأسئلة الرئيسة التي تطرحها الخطة المصرية كثيرة وصعبة، من أهمها: من سيدير القطاع؟ وأي الدول ستوفر المليارات من الدولارات اللازمة لإعادة الإعمار؟ وما هو دور حماس في القطاع بعد فترة الإدارة الانتقالية؟ وهل ستوافق على نزع سلاحها؟
أما السؤال الأكثر أهمية: فكيف سيتم توفير مأوى إلى أكثر من 1.8 مليون شخص في غزة؟ وهل ستكفي خمس سنوات لإعادة إعمار غزة على مرحلتين؟ إن الأمم المتحدة تقدر أن إعادة إعمار غزة قد تستغرق خمسة عشر عامًا على الأقل، فيما تقدر الولايات المتحدة إعادة بناء غزة بأنه سيتطلب 10-15 عامًا، وتتضح صعوبة هذه العملية إلى انك في حاجة قبل إعادة البناء إلى إزالة خمسين مليون طن من الأنقاض، وما يتطلبه الأمر من توفير آلاف المعدات الضخمة لإزالة الأنقاض في مدينة دمرت 70% من مبانيها.
التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، والمواقف الإسرائيلية المتعنتة، كل ذلك التي تعتبر الأكثر تطرفًا منذ قيام إسرائيل عام 1948، وعدم إخفائها النية في الرغبة بالتوسع يفرض على الأمة العربية خيارًا واحدًا يتطلب الالتفاف حول مواقف موحدة للتصدي لهذه المخططات الخبيثة.يا

0