في إحدى أشهر الصوم، وفد إلى لوس أنجلوس أحد معارفي لحضور دورة قصيرة ومكثفة في اللغة الإنجليزية. ونظرًا لقِصر فترة إقامته وعدم قدرته على استئجار سكن لمدة عام وتأثيثه، فقد فرحتُ جدًا بقبوله السكن معي في شقتي الخاصة، والتي لم يكن بها إلا غرفة نوم واحدة.
ورغم إصراري على أن ينام في غرفة النوم الوحيدة وأن أنام أنا في الصالة، إلا أنه حلف بأغلظ الأيمان بأنه إما أن ينام في الصالة أو يسكن في الفندق، فقبلت على مضض.
كانت فترة قدومه قد شهدت هطول أمطار غزيرة على المدينة، وهي أمطار لم نعتدها في السنة الماضية، أي في السنة الأولى من قدومي.
الطريف أنه في أحد الأيام، استيقظتُ صباحًا للذهاب إلى الجامعة، واستيقظ معي. وبعد أن تناول وجبة الإفطار (لأنه كان على سفر ولم يصم)، رتبتُ أموري للذهاب، بينما عاد هو للنوم!
استغربتُ من تصرفه، فسألته: “عسى ما شر؟”
فأجاب: “ما يجيك الشر، لكن اليوم لن يكون هناك دراسة مع هذه الأمطار التي لم تتوقف منذ الأمس!”
ضحكتُ وقلت له: “ولن تتوقف، ولو كان لديهم هنا إجازة دراسية بسبب المطر، لكانت الدراسة أقل من شهرين في العام، خاصة في بعض الولايات التي تهطل فيها الأمطار باستمرار! فهيا إلى معهد اللغة، ستجد الأساتذة الأمريكيين والطلاب الآسيويين وحتى الأفارقة أول القادمين، وكأن شيئًا لم يكن، لأنهم ببساطة لم يعتادوا على إيقاف الدراسة عند أي تغير مناخي!”