المقالات

صراحةالسعيدين: قراءة تأملية حول صراحة البازعي والسريحي

في مشهد ثقافي غير مألوف، بلغ حد الصراحة التي لا تحتمل أكثر من تأويل، تحدث السعيدان، د. سعد البازعي والأستاذ سعيد السريحي، عن موقفهما تجاه رمز فني سعودي وروائي فانتازي استحوذ على اهتمام القراء في الآونة الأخيرة.

عبّر البروفيسور البازعي، بصراحة لافتة، في لقائه التلفزيوني، عن أن أعمال الفانتازيا التي قرأها لأسامة المسلم هي أعمال سطحية، يمكن وصفها بأنها “فقاعة أدبية” لن تخلد مع مرور الزمن، وستذهب أدراج الرياح؛ فالتاريخ الأدبي لا يحتفظ إلا بنفائس الأعمال، مهما بدا للمتلقي وهج ذلك الأدب المعتمد على الإثارة والدهشة المجردة.

أما الأستاذ السريحي، فتحدث في المخواة عن رأيه في فنان العرب، بصراحة لا تقل وضوحًا عن صراحة د. البازعي، موضحًا أن فنية محمد عبده لا تروق له، ومؤكدًا أن طلال مداح، بالنسبة له، يتفوق عليه بمراحل.

وبين يدي صراحة السعيدين، يمكن أن نخرج بجملة من التأملات، نحاول من خلالها انتهاج الصراحة ذاتها في الرد، لنواكب الطرح المباشر والصريح لرمزين من رموز المشهد الأدبي والنقدي السعودي.

بدايةً، دعونا نتساءل بصراحة:
• هل نقد السعيدين ينطلق من رؤية نقدية رصينة ذات ميثودولوجيا (منهجية واضحة)، أم أنه مجرد رأي وذائقة شخصية لمتلقٍّ تجاه مُلقٍ؟
• هل يمكن وصف موقف السعيدين بأنه محاولة للانقضاض على قناعة مجتمعية واسعة تجاه فنان عريق وروائي حديث نالا تفوقًا كميًا وكيفيًا لدى جمهور عريض في مختلف أنحاء العالم؟
• هل بات الرأي المختلف، الذي ينتفض على التيار العام، مجرد محاولة من المثقفين للبروز أو إعادة إثبات حضورهم في المشهد الثقافي؟

وفي المقابل، دعونا نتساءل بجرأة:
• هل ينبغي أن يحظى أي عمل ثقافي، بغض النظر عن صاحبه، بقداسة مجتمعية تجعله محصنًا ضد النقد، وبعيدًا عن رأي المثقف المتخصص؟

• أليس من المبالغة وصف انتقاد الرموز الأدبية أو الثقافية بأنه حالة كيدية، يمتهنها بعض النقاد في مواجهة أعمال لا ترقى إلى المستوى المطلوب من الجودة أو المتعة، أو كليهما؟

كثير من هذه التساؤلات تحتاج إلى إجابة من السعيدين، ومثلها يحتاج إلى شفافية من المنزعجين من مستوى صراحتهما المطروحة مؤخرًا.

ولأنني لست معنيًا في هذه الأسطر بأن أكون من المؤيدين أو المعارضين لما طرحه السعيدان، فإنني سأكتفي بالقول إنني أشعر بسعادة أكبر لأن المشهد الثقافي المحلي أصبح أكثر صحة وحيوية، حيث يتيح الفرصة الكاملة لتعدد الآراء، وتباين الأحكام، وشفافية الطرح، ومباشرة المقصود دون تحريف أو مواربة.

حقًا، أشعر بسعادة لأنني أعلم أن المشهد الثقافي الصحي لن ينحاز إلى طرف على حساب آخر، وهو ما يشكل ضمانة حقيقية لاستمرار النمو السليم للثقافة والآداب، لا سيما أن هذه الفروع المعرفية النوعية تُبنى على فهم إثنوغرافي قد يبدو شخصيًا، لكنه يستند إلى الفكر الناقد، والدليل البين، والمنهج العلمي الرصين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى