في بداية مقالي، لا بد أن أشيد برجال مرور جدة لما يبذلونه من جهود جبارة في التعامل مع واقع مروري مؤلم امتد لعشرات السنين، ويتزايد تعقيده شهرًا بعد آخر في عدة مواقع، ومن أهمها ما يسمى “تقاطع دوار الجمل”. فخلال السنوات العشر الماضية، تم إنشاء أكثر من 14 حيًا شمال جدة، وأهم طريق للوصول إليها هو طريق الملك عبدالعزيز الممتد من الجنوب إلى الشمال.
كما لا بد من الإشادة بجهود أمانة جدة، لما تبذله من رغبة صادقة في معالجة المشكلات التي يواجهها المواطنون والمقيمون عند هذا التقاطع وغيره.
الواقع الحالي يشير إلى أن التقاطع أصبح شبه مغلق خلال فترات عديدة من اليوم، مما اضطر رجال المرور – سلمهم الله – إلى تحويل الحركة القادمة من الجنوب إلى الشمال عبر كوبري أبحر، مما زاد الضغط على الجسر وعلى طريق المدينة. وهنا، لا يمكن للمنصف أن يلوم رجال المرور، فهم يتعاملون مع كثافة آلاف السيارات القادمة من ثلاثة اتجاهات مختلفة عند تقاطع تم إنشاؤه قبل نحو 20 عامًا، وكان في ذلك الوقت يخدم عشرات أو مئات المركبات فقط طوال اليوم.
قد يتساءل القارئ: ما علاقة هذا التقاطع بكوبري البطحاء في الرياض؟
وأجيب: عندما كنت طالبًا في جامعة الملك سعود قبل أكثر من 40 عامًا، كنا نشاهد باستمرار تركيب كبارٍ حديدية مؤقتة لحل الأزمات المرورية في العاصمة. ومن بين هذه الجسور، كان “كبري البطحاء” أحد الحلول التي ساهمت في فك أزمة مرورية خانقة، ولا تزال آثار ذلك الجسر الحديدي باقية حتى اليوم.
وعندما مررت عليه الأسبوع الماضي بعد 45 عامًا، تذكرت كيف ساهم في حل مشكلة مرورية كبرى في الرياض، وتساءلت: ألا يمكن استنساخ هذه التجربة الناجحة في جدة؟
أعلم أن هناك خطة معتمدة لتطوير هذا التقاطع، لكنها لا تزال مجرد خطة ولم تُنفذ بعد، وقد تواجه عوائق تطويرية، مثل مشروع القناة البحرية الجديدة والواجهة البحرية. لذلك، أقترح على أمانة جدة الحل التالي حتى يتم تنفيذ الخطة الدائمة:
1- إنشاء كوبري حديدي مؤقت (استنساخًا لتجربة أمانة الرياض قبل 45 عامًا)، يتم تركيبه فوق التقاطع في الاتجاهين الشمالي والجنوبي.
• الكوبري الحديدي لا يتطلب إغلاق الحركة المرورية أثناء التنفيذ، حيث يمكن العمل على الرصيف، من خلال الحفر وصب القواعد وغرس البراغي الصلبة في كل الاتجاهات.
• في الوقت ذاته، يتم تصميم أجزاء الجسر داخل مصانع الحديد بمقاسات معروفة وجاهزة للنقل والتركيب خلال يوم أو يومين فقط.
• بمجرد تجهيز القواعد، يتم تركيب الأجزاء الحديدية في وقت قياسي، دون التأثير على حركة المرور.
2- الإبقاء على الدوار بوضعه الحالي للقادمين من الشرق، أو للقادمين من الشمال الذين يرغبون في الالتفاف شرقًا، مع فتح مخرج من الدوار إلى طريق الخدمة الميت (قبل كوبري أبحر)، والموازي لطريق المدينة النازل.
• هذا الطريق لا يحمل اسمًا رسميًا، لكنني أعتبره “ابن شقيق طريق الخدمة الحالي عمر بن مره”.
• بهذه الطريقة، يمكن حل المشكلة الحالية دون أن يتعارض ذلك مع الخطة التطويرية المستقبلية، وعند تنفيذ التطوير، يمكن تفكيك الجسر الحديدي والاستفادة منه في موقع آخر.
أتمنى أن تبادر أمانة جدة، برئاسة معالي الأمين المخلص الأستاذ صالح التركي، بدراسة عاجلة لهذا المقترح المؤقت. وأنا على ثقة بأنه، حتى في أسوأ الاحتمالات (في حال عدم الحاجة إلى الكوبري الحديدي مستقبلًا)، فإن الدولة – أعزها الله – عودتنا دائمًا على توفير الحلول لخدمة المواطن والمقيم.
ولن تُشكل تكلفة هذا الحل المؤقت عبئًا على ميزانية وزارة الشؤون البلدية والإسكان، مقارنةً بالملايين التي تُنفق لحل أزمات المرور.
والسلام ختام،
المستشار في مجال السفر والسياحة والطيران