اطلعت على فيديو يجمع بين صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال والفنان فيصل العيسى، حيث شكر الأمير فيصل وفريق عمل شباب البومب على نجاحهم الكبير، مشيرًا إلى أن البرنامج حصل على 40 مليار مشاهدة حول العالم. وردَّ فيصل بشكر الأمير، موضحًا أن المشاهدات تجاوزت هذا الرقم، لكنها موزعة بين عدة منصات.
الحقيقة، أذهلني حجم المشاهدات، وفي الوقت نفسه، حفزتني إطلالة فيصل على الكتابة عنه. فمن خلال لقاءات متعددة وبعض المعلومات المتفرقة، شدّتني مسيرته، إذ لم يكن توهجه مجرد ضربة حظ، بل نتاج خطوات متتالية من الإصرار والإرادة. لم يبرز مثل بعض المطربين الذين وُهبوا صوتًا جميلًا، فمنهم من أدرك إمكانياته وارتقى بها أداءً واختيارًا للكلمات والألحان فبرع، ومنهم من تسلق سلم الشهرة عبر الطقطقة والنطنطة، وهؤلاء كثر في عالمنا العربي. أما فيصل، فقد كان شغوفًا بفن التمثيل منذ صغره، حيث بدأ كمقدّم برامج للأطفال عبر إذاعة جدة، وكان حينها في الثامنة من عمره – لاحظوا، كمقدّم! – ثم انطلق ممثلًا ثانويًا في طاش ما طاش وغيره من البرامج، واستمر بجهده ومثابرته، معتمدًا على موهبته ورغبته، دون دعم خارجي.
شارك في مسرحيات متعددة، ثم كانت انطلاقته الجريئة مع مجموعة من رفاقه في المسلسل الكوميدي شباب البومب، حيث أبدعوا وتنوعوا، فنالوا وهجًا كبيرًا وحققوا نجاحًا تلو الآخر، دون أن يتراجعوا عن القيمة الفنية. لقد حقق هذا البرنامج حجم مشاهدات ربما لم يسبقه إليه أي برنامج آخر، كما جاء في حديث الأمير الوليد مع فيصل.
فيصل مثال لمن يسعى لتحقيق أهدافه، فلا يلتفت لحكم أو فار، ولا تعيقه الأشواك أو الغبار. فمن جدّ وجد! انطلق من حارة في منطقة مدائن آل فهد، جنوب جدة، ليحلق في سماء الفن والإبداع. عندما تنظر إلى ملامح فيصل، تجده مخلوقًا ليكون كوميديانًا بالفطرة، ففي كل إطلالة له، تلمح ابتسامته العفوية وبراءة الأطفال في عينيه، دون تصنع. ابتسامته في العمل الفني هي نفسها في ملاعب الكرة، حيث يلاحق فريقه المفضل الاتحاد، وهي ذاتها في لقاءاته الإعلامية. وكما أعطى للفن، أعطى لناديه الإتي دعمًا كبيرًا، سواء معنويًا أو ماديًا، في أوقات حاجته.
في أحد اللقاءات، ذكر فيصل أنه يعمل منذ 15 عامًا في مجال إنساني عظيم، من خلال كيان إرادة في جدة، الذي يُعنى بالشباب الذين غرّرت بهم المخدرات. ولا شك أن هذا العمل، على حساسيته، أضاف له الكثير من التجارب التي تؤثر – ولو بشكل غير مباشر – على حياته الفنية. فهو عمل إنساني متميز، لا يتقنه إلا من كان رقيق القلب، صبورًا، وقادرًا على التعامل مع مثل هذه الحالات.
كثيرون هم النشطاء في المجال الفني، لكن القلة فقط هم من يوازنون بين الفن والعمل المجتمعي الإنساني. تحية تقدير وود لهذا الشاب الإنسان، الذي، رغم بلوغه الأربعين، لا تزال ملامح الطفولة ترتسم في كل إطلالة له.
وأخيرًا، يا فيصل، سنة حلوة يا أصيل، وكل عام وأنت بخير، وفريق عمل شباب البومب الجميل.