عاش بعض المفكرين والأكاديميين العرب في بلدان الغرب وعملوا أساتذة في جامعاتها واندمجوا في البيئة الثقافية لكنهم لم يذوبوا فيها بل دخلوا في نقاشات حامية للدفاع عن القضايا العربية وأسهموا في الإبداع النقدي وصاروا معروفين بإسهاماتهم على المستوى العالمي ….
لقد بقوا معتزين بانتمائهم العربي يدافعون عن العرب ويفضحون الممارسات العدوانية ويأتي في المقدمة إدوار سعيد …..
وربما على نفس المستوى من الشهرة البرفيسور طلال أسد الذي يعمل أستاذًا في جامعة مدينة نيويورك وله نشاط فكري واسع ومؤلفات كثيرة تتناول الإشكالات الثقافية وهو ابن محمد أسد صاحب كتاب (الطريق إلى مكة)
إن شهرة إدوارد سعيد وطلال أسد تجعلهما معروفَين لكل متابع لذلك يهمني هنا أن أشير لفارس آخر من فرسان القلم هو الدكتور جوزيف مسعد الذي يعمل أستاذًا بجامعة كولومبيا في نيويورك ….
فقد صدر له عددٌ من الكتب دفاعًا عن العرب وفضحًا للتبجح الغربي وهو يشارك في الندوات والمؤتمرات التي تناقش القضايا العربية …..
ومن آخر وأهم مؤلفاته كتابه الذي يحمل عنوان (اشتهاء العرب) وهو نقضٌ للدعاوى التي تثار حول العرب بأنهم شهوانيون ويتضمن دراسة شاملة للإبداع العربي الذي تناول هذا الجانب … ….
وينبه جوزيف سعد إلى أنه قد أراد تقديم وثيقة تكشف التحيز الغربي وعدوانيته ليس فقط سياسيا وإنما حتى على مستوى الفكر وقد كشفتْ له المواجهةُ مع المغرضين أن البراهين الدامغة لا تؤدي إلى تراجعهم عن التضليل وإنما قد يصير التصدي لهم سببًا في تأجيج العدوانية وإضافة المزيد من الوقود لإلهاب العداوة لكنه رغم ذلك يرى أنه لابد من التصدي لإدانة العدوان وتسجيل الحقائق …..
رغم الشعور بضآلة التأثير على الغرب إلا إنه يعلن أنه سيواصل الكفاح من أجل فضح الزيف حيث يختم كتابه بالقول: ((لم يقتصر اهتمامي على تسجيل السجالات والتصورات الهامة بل تجاوزه إلى لفت الانتباه لأهمية تلك السجالات والتصورات لمقاومة المحاولات التي يقوم بها عدد من القوى)) ويضيف: ((في اللحظات النادرة التي تفشل فيها غواية الأعراف الغربية وتعجز عن فرض نفسها؛ تبرز إمكانية طرح مفاهيم مختلفة؛ آمل أن يُقَدِّم النقد الذي يطرحه كتاب (اشتهاء العرب)مثالا على تلك الإمكانية))
إن كتاب (اشتهاء العرب) يستحق أن يُقرأ بعناية فهو بالإضافة إلى هدفه الأساسي فإنه يمثل مراجعة فاحصة للفكر العربي الحديث ……….

0