
في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، يشهد النظام الدولي مرحلة انتقالية حساسة تتجلى في صراعات محتدمة في الشرق الأوسط، أوكرانيا، وتايوان، مما يجعل التوازن والاستقرار العالمي أكثر تعقيدًا.
في لقاء خاص مع صحيفة مكة الإلكترونية، يوضح صاحب السمو الأمير الدكتور ماجد بن ثامر بن ثنيان بن محمد آل سعود كيف تبرز المملكة العربية السعودية، بقيادة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله، كقوة دبلوماسية فاعلة في تحقيق الاستقرار الدولي.
تناول الحوار جهود المملكة في الوساطة بين القوى العظمى، ودورها في استضافة القمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي والروسي، إلى جانب تأثيرها الاقتصادي والاستراتيجي في النظام العالمي الجديد.
كيف تساهم المملكة العربية السعودية في تحقيق التوازن والاستقرار في ظل التحولات الدولية الحالية؟
في وقتٍ حساس كهذا، يبرز الدور المحوري الذي تقوم به المملكة العربية السعودية بقيادة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله، عبر سياسة الانفتاح والتوازن مع جميع الأطراف، بما يعزز الاستقرار الإقليمي والدولي.
يتجلى هذا الدور في القمة التي تستضيفها السعودية بين الرئيسين الأمريكي والروسي لمناقشة الحرب في أوكرانيا، وقد بدأت الاجتماعات التمهيدية لها.
هذه القمة تأتي في ظل عزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إنهاء الحرب، وسعيه إلى تطوير علاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولم يجد ترامب سبيلًا لتحقيق هذا الهدف سوى السعودية، نظرًا لعلاقاتها الإيجابية مع جميع الأطراف، وهو ما ظهر جليًا في الوساطة الناجحة التي قامت بها الرياض في 2022 لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.
ما مدى تأثير الدور السعودي في الوساطة بين القوى العظمى، خاصة فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا؟
بالرغم من اعتراض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على القمة الروسية الأمريكية في السعودية سابقًا، إلا أنه جاء بعدها إلى الرياض وقابل سمو ولي العهد، لأنه أدرك لاحقًا أن المملكة هي الدولة الوحيدة التي قد تساعده في الحصول على أفضل الشروط الممكنة من روسيا، خصوصًا بعد لقائه الحاد وغير المثمر مؤخرًا في البيت الأبيض. ولذلك.
السعودية: أكثر من مجرد وسيط
إن ما تقوم به السعودية لا يقتصر على استضافة الأحداث كطرف محايد، بل يعكس نفوذها الواسع وتأثيرها العميق على جميع الأطراف، مما يؤهلها للعب دور قيادي عالمي يليق بثقلها الاستراتيجي والاقتصادي والسياسي.
التأثير الاقتصادي للدور السعودي في النظام العالمي الجديد
• تعزيز مكانة الاقتصاد السعودي:
مع استمرار التغيرات الجيوسياسية، تستفيد المملكة من تنويع اقتصادها ضمن رؤية 2030، حيث أصبحت مركزًا للاستثمارات العالمية، ما يعزز دورها كفاعل رئيسي في الاقتصاد الدولي.
• أسعار الطاقة والتوازن العالمي:
كونها أكبر مصدر للنفط في العالم، تستخدم السعودية دبلوماسية الطاقة لتحقيق استقرار الأسواق العالمية، مما يجعلها شريكًا رئيسيًا في تحقيق التوازن الاقتصادي الدولي.
• توسيع العلاقات التجارية والاستثمارية:
بفضل علاقاتها المتوازنة مع القوى العظمى والاقتصادات الناشئة، تفتح المملكة فرصًا جديدة للاستثمار في القطاعات غير النفطية مثل التكنولوجيا، والسياحة، والطاقة المتجددة.
التأثير الإقليمي: دور السعودية في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط
• تعزيز العلاقات الخليجية والعربية:
من خلال الدبلوماسية الفعالة، تواصل السعودية لعب دور رئيسي في تعزيز وحدة الصف الخليجي والعربي، وحل النزاعات الإقليمية عبر الحوار والتفاوض.
• دعم الحلول السياسية للنزاعات:
تتبنى المملكة نهجًا متوازنًا في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، مثل القضية الفلسطينية، والأزمة اليمنية، والملف الإيراني، ما يعزز موقعها كقوة إقليمية لا غنى عنها.
هذا الدور المتنامي سيجعل من السعودية لاعبًا أساسيًا في رسم ملامح النظام العالمي الجديد، حيث يتعذر على القوى العظمى تخطيها في إعادة صياغة القواعد الجديدة للعلاقات الدولية.