المقالات

الأسباب الخفية وراء تغيب الطلاب عن الدراسة في شهر رمضان

يُعد شهر رمضان من الأشهر التي تتسم بالقيم الروحية والاجتماعية، وشحن الهمم ورفع المعنويات التي تدعو إلى اتقان العمل والإحسان، ومع ذلك، نجد تهاون عدد كبير من الطلاب في التزامهم وانضباطهم الدراسي خلال هذا الشهر، على الرغم من الجهود المبذولة من وزارة التعليم وإدارات التعليم للحد من ظاهرة غياب الطلاب، مما يتطلب النظر في الأسباب والحلول المناسبة. وفي هذه المقالة، سنستعرض بعض الأسباب المحتملة لغياب الطلاب، بالإضافة إلى الحلول المقترحة للتغلب على هذه الظاهرة.

تتناول وسائل التواصل الاجتماعي والصحف العديد من الأسباب المرتبطة بظاهرة غياب الطلاب، مثل تعدد الفصول الدراسية والإجازات المطولة وملل الطلاب من طول السنة الدراسية، ولكن في هذه المقالة سنبحث عن أسباب أخرى -في اعتقادي -أنها أسباب خفية لغياب الطلاب في شهر رمضان وعدم الحضور للمدرسة ومنها:

-الاختلاف بين الأجيال، حيث يُظهر الجيل الجديد ميلاً للتمرد على التقاليد والقيم المتعارف عليها، هذا التمرد يمكن أن يؤدي إلى تجاهل الطلاب لالتزاماتهم الدراسية، وهذا الاختلاف يلاحظه الأهل بشكل واضح بين أبنائهم أنفسهم كأجيال، حيث أصبح عدد كبير من الطلاب أكثر رغبة في الاستقلالية، ولكن بشكل سلبي وبدون توجيه، مما يؤثر على تركيزهم على التعليم.

– جهل بعض من أولياء الأمور بقيمة العلم والتعليم، فالأهل لهم دوراً محوريُّ في توجيه أبنائهم نحو التعليم، لكن يُلاحظ أن بعضهم يفتقر إلى الفهم الكامل لقيمة العلم وأهمية التعليم في حياة أبنائهم. وهذا الجهل يمكن أن يؤدي إلى عدم تشجيع وتحفيز أبنائهم على الالتزام بالدراسة خاصة في شهر رمضان، فنجد بعض الآباء يختارون إجازاتهم السنوية في شهر رمضان تحديداً، ويتكاسلون في إيصال أبنائهم للمدرسة وتعمد غيابهم دون مراعاة لاحتياجاتهم التعليمية، وبالمقابل نجد أن أولياء الأمور الحريصين على تعليم أبنائهم وانضباطهم يضطرون إلى غياب أبنائهم بسبب الغياب الجماعي لطلاب الفصل وعدم حماس الطالب للحضور والدراسة بشكل فردي.

– يعتقد بعض الأهل والطلاب أن الدراسة خلال شهر رمضان صعبة، حيث يشعرون أن التركيز والاستيعاب يصبحان أكثر صعوبة في ظل الصيام، وهذا الاعتقاد الخاطئ قد يثبط عزيمة الطلاب، وقد يكون من أسباب هذا الاعتقاد أن كثيراً من أولياء الأمور يستحضرون صعوبة دراستهم في شهر رمضان في الماضي رغم اختلاف التحديات ما بين الماضي والحاضر، مما يدفعهم إلى التهاون في غياب أبنائهم عن الدراسة.

-تُساهم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير في تشكيل آراء الشباب. فوجود عدد كبير من (المشاهير) يتمتعون بشهرة وثروة دون الحاجة إلى التعليم قد يُعزز شعوراً بعدم الجدوى من الدراسة، مما يُقلل من اهتمام الطلاب بالتعليم.

مقابل هذه الأسباب يمكن اقتراح حلول للتغلب على ظاهرة غياب الطلاب في شهر رمضان ومنها:
– تنظيم ورش عمل توعوية تنويرية للأهل والطلاب حول أهمية التعليم وتأثيره على المستقبل، وتوضيح كيف يمكن للدراسة أن تكون وسيلة لتحقيق الطموح وذكر قصص النجاح في ذلك، وأهمية الوصول لتحقيق ذواتهم، بالإضافة إلى توضيح النتائج والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية المترتبة على عملية الانضباط والالتزام، وأهميتها لكل من الطلاب والمجتمع في الاستعداد للمستقبل من خلال تعزيز التحصيل الدراسي والسمعة الجيدة وفتح فرص النجاح أمامهم، كذلك تطوير شخصي لهم يعزز من مهارات التنظيم والالتزام والصحة النفسية، وما ينتج عن ذلك من فوائد للمجتمع تعزز من روح المواطنة لديهم.

– تكييف جداول الدراسة وتعديل مواعيد الدراسة لتناسب طبيعة شهر رمضان، مثل تقليل عدد الساعات الدراسية، وتفعيل المنصات التعليمية (الدراسة عن بُعد) والاستفادة من الأدوات التعليمية الإلكترونية التي تدعم عمليات التعليم والتعلم.

– تعزيز الأنشطة التعليمية التفاعلية واستخدام أساليب تعليمية مبتكرة، مثل التعلم القائم على المشاريع أو الأنشطة الجماعية سواءً نظام الدراسة حضوري أو عن بُعد، لجعل الدراسة أكثر جذباً وتحفيزاً للطلاب.

– توفير الدعم النفسي من خلال تقديم برامج إرشادية للطلاب، حيث يمكن للمرشدين النفسيين تقديم المساعدة للطلاب والمتعثرين منهم وتشجيعهم على الالتزام بالدراسة.

– تفعيل دور الأسرة بتشجيعهم على متابعة الواجبات المدرسية ودعم الأبناء في دراستهم، مع ضرورة وعيهم بأهمية التحصيل العلمي، وإشراكهم في صناعة القرارات والحلول للحد من غياب الطلاب.

– توجيه المدرسة للطلاب لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي كمصدر معلومات تعليمية، مثل متابعة محاضرات ودروس عبر الإنترنت، وتنفيذ مشاريع جماعيه، وتطبيق مسابقات تعليمية والتحفيز على الابتكارات التقنية بدلاً من الانشغال بأمور غير مفيدة.

-دعوة المجتمع المحلي للمشاركة في تعزيز أهمية التعليم، من خلال تنظيم فعاليات ثقافية وتعليمية كخطة استباقية تبدأ من بداية العام الدراسي.

ختاماً، يتطلب التصدي لظاهرة غياب الطلاب في شهر رمضان تعاوناً متكاملاً بين الأهل والمعلمين والمجتمع، حيث يؤثر كل منا ويتأثر بالآخر، من خلال التوعية والتكيف مع احتياجات الطلاب في هذا الشهر، وتعزيز الالتزام الدراسي وتحقيق التوازن بين العبادة والدراسة.

• دكتوراه إدارة تربوية وتخطيط

د. نجلاء بن مصري

دكتوراه إدارة تربوية وتخطيط

‫3 تعليقات

  1. غرس قيمة الانضباط في نفوس الطلاب في الصغر تنشأ لنا جيل لديه احساس عالي بالمسؤولية و الالتزام تجاه ما يوكل اليه

  2. شهر رمضان لحبطه في المواعيد التي اعتاد عليها الطلاب و اولياء الامور
    خصوصاً ان الكثير من العوائل تسهر حتى الفجر
    الدراسه في رمضان متعبه للمعلمين خصوصاً معلمي الابتدائي و معلمات الطفوله المبكره تحتاج الى جهد في ضبط الطلاب تعليمهم بشكل عام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى