أميرة الدراما السعودية

تشهد الدراما السعودية رواجًا كبيرًا في شهر رمضان المبارك، ويرتبط نجاح كل مسلسل بعدة عوامل، منها: قوة القصة، وكتابة السيناريو المشوق الذي يجذب المشاهدين، ثم اختيار الممثلين الذين يجسدون واقع الشخصيات، بالإضافة إلى الإخراج الفني وما يرتبط به من تقنيات ومؤثرات بصرية.

ومع حلول رمضان، يخرج النقاد في قروبات الواتساب ومواقع التواصل الاجتماعي مبدين آراءهم حول المسلسلات الدرامية التي تُعرض خلال الشهر الكريم. وتتفاوت آراء النقاد بين مؤيد ومعارض، ومعجب ومتذمر؛ تارة بسبب اختلافها عن الواقع الاجتماعي، وتارة بسبب اللغة والأسلوب الذي لا يمثل البيئة المحلية.

أغلب النقاشات دارت حول مسلسلات شارع الأعشى، وليالي الشميسي، والزافر، وبرنامج واي فاي. للأمانة، لم أشاهد أيًّا من هذه الأعمال إلا من خلال مقاطع بسيطة، ولكن وسط كل هذا النقد للدراما الرمضانية، لم ألحظ أي انتقاد لبرنامج “جاك العلم”، وكأن المجتمع أجمع على نجاحه وسط الزخم الفني الدرامي وتعدد النجوم في سماء الدراما السعودية الرمضانية.

تابعت حلقات من “جاك العلم” في العام الماضي وهذا العام، وحقيقة، شدني الدور الكبير الذي قدمته الفنانة ريم عبدالله من خلال شخصية أم صامل. لا أعرف ريم لا من قريب ولا من بعيد، إلا مما يمر أمام عيني من مقاطع وبعض الحلقات، ولكن بسبب توقيت عرض “جاك العلم” بعد صلاة المغرب، وجدت نفسي أتابع بعض حلقاته، وكأن القائمين على قناة MBC مقتنعون بأنه الأقوى والأجمل والأكمل.

أعود إلى ريم عبدالله، الفتاة الخجولة التي دخلت الدراما على استحياء وباسم مستعار، خوفًا من ردة فعل المجتمع، وبدأت بأدوار متعددة. لكن أكثر ما لفت نظري في جاك العلم هو أداؤها لشخصية أم صامل، المرأة البدوية السنعة، بروح فنية عالية لا نجدها في شخصية نوره العادية، ولا حتى في شخصية ريم عبدالله الخجولة.

الدور الذي قدمته ريم في أم صامل يُعد من أصعب الأدوار الفنية، ليس فقط من حيث الشخصية، بل من حيث الروح المعنوية، والحركات، والعبارات الأصيلة التي تعتز بها بنات الرجال، مثل قولها: “أنا بنت أبوي”.

تصف ريم عبدالله تجربتها في أداء شخصية “أم صامل” قائلة:
“عندما أرتدي البرقع والزي البدوي، أشعر وكأنني أتلبس هذه الشخصية تمامًا، بينما لا تجد نفسها في هذا الدور إذا خلعت هذا اللباس.”.
وهذا ما يجعل تجربتها التمثيلية في هذا الدور حالة فريدة تستحق الدراسة، حيث نجحت في تقديم أداء استثنائي وغير مسبوق في الدراما السعودية.

أكثر ما أعجبني في شخصية أم صامل وزوجها المضياف أبو صامل، أنهما يجسدان الواقع الحقيقي للمجتمع. فالمسلسل يحمل قيمًا اجتماعية كبيرة، غنية بالأصالة. كانت أم صامل خير معين لزوجها، رغم التعب الكبير الذي تجده في المنزل، لم تتذمر من الضيوف الذين يأتون في أوقات مفاجئة، ولم تتوانَ في إعداد القهوة والطعام، والتماس العذر للزوج، واحتواء المشاكل. وهذا نابع من الكرم المتأصل فيها والبيئة النظيفة التي نشأت فيها وهذا هو الواقع الحقيقي للمجتمع.

ختامًا

أوجه رسالة لبناتنا بأن يستلهمن نموذج أم صامل في التمسك بالقيم الأصيلة، والحفاظ على بيوتهن، والحرص على دعم أزواجهن ومساندتهم في مواجهة أعباء الحياة بروح المسؤولية والتعاون، مستلهمات من المثل الشهير: “خلف كل رجل عظيم امرأة”.

كما أنها دعوة للكتّاب والمنتجين لتقديم شخصيات نسائية قوية ومؤثرة في الأعمال التلفزيونية، خاصة بعد أن كشفت المسلسلات الأخيرة عن مواهب سعودية واعدة كانت بحاجة إلى الفرصة المناسبة والسيناريو القوي لإبراز قدراتها

في لقاء سريع مع ريم عبدالله، سألوها عن الكنية التي كانت تُدعى بها وهي صغيرة، فقالت:
“الأميرة”.

وأنا أقول: تستحقين أن تكوني أميرة الدراما السعودية