المقالات

الأبواء.. أرض النبوة وموطن العطاء

بعد تعيين ابني د. عبدالرحمن عصام أزهـر طبيبًا عامًا بمركز صحي الأبواء، خدمةً للدين والمليك والوطن، تغيرت بوصلة قلمي لكتابة هذه المقالة وتسليط الضوء على الأبواء، تلك البلدة العريقة التي تبيّن لي أنها واحدة من المحطات التاريخية البارزة، التي شهدت أحداثًا صنعت مجد الأمة الإسلامية.

فهي ليست مجرد بلدة تقع بين مكة والمدينة، بل أرض ارتبطت بالسيرة النبوية، حيث شهدت أولى غزوات النبي محمد ﷺ، وفيها دُفنت والدته السيدة آمنة بنت وهب، مما منحها مكانة روحية خاصة في قلوب المسلمين.

واليوم، تواصل الأبواء دورها الحيوي، إذ تحتضن مرافق وخدمات حديثة تخدم سكانها وزوارها، من بينها مركز الأبواء الصحي، الذي يعمل فيه فريق طبي يسعى لخدمة هذه المنطقة العريقة. وإيمانًا بأهمية إبراز الدور التاريخي والديني للأبواء، تبرز مبادرة “على خطاه” كمشروع رائد يهدف إلى ربط الأجيال الحاضرة بإرثها الإسلامي، عبر تسليط الضوء على المواقع النبوية، وتعريف الناس ببطولات السيرة العطرة، وربطها بواقعهم المعاصر من خلال أنشطة توعوية وتنموية مستوحاة من سيرة النبي ﷺ وخطواته المباركة.

الأبواء: موقعها وأهميتها

تقع الأبواء على طريق الهجرة النبوية بين مكة والمدينة، وهو موقع استراتيجي جعلها شاهدة على أحداث مهمة في التاريخ الإسلامي. ومن أبرز هذه الأحداث غزوة الأبواء، التي كانت أول تحرك عسكري يقوده النبي ﷺ، وأسهمت في تأمين المدينة وعقد التحالفات مع القبائل المجاورة. كما تحتضن الأبواء قبر السيدة آمنة بنت وهب، والدة الحبيب المصطفى ﷺ، حيث وافتها المنية خلال عودتها من زيارة المدينة، مما زاد من مكانتها في الذاكرة الإسلامية.

غزوة الأبواء: خطوة استراتيجية في بناء الدولة الإسلامية

في شهر صفر من السنة الثانية للهجرة، خرج النبي ﷺ في غزوة الأبواء ومعه ستون من المهاجرين، بهدف استكشاف المنطقة وتأمين طرق التجارة وعقد التحالفات. وعلى الرغم من عدم وقوع قتال، فقد نجح النبي ﷺ في إبرام معاهدة مع بني ضمرة، ضمنت الحماية المتبادلة، مما عزز قوة المسلمين ومهّد لمزيد من الاستقرار السياسي والعسكري في المنطقة.

الأبواء اليوم: بين التراث والتطور

لم تظل الأبواء مجرد محطة تاريخية، بل تطورت لتصبح موطنًا يجمع بين التراث العريق والخدمات الحديثة. ومن بين مرافقها الحيوية مركز الأبواء الصحي، الذي يمثل دعامة أساسية في توفير الرعاية الطبية للسكان والزوار. ويعمل في هذا المركز أطباء متميزون من أبناء الوطن، يواصلون مسيرة العطاء في هذه الأرض المباركة التي كانت يومًا ساحة لنشاط النبي ﷺ وصحابته الكرام.

وبالتوازي مع هذا التطور، تأتي مبادرة “على خطاه” لتؤكد أن الأبواء ليست مجرد بقعة جغرافية، بل صفحة حية من التاريخ الإسلامي، حيث يلتقي الماضي بالحاضر في مزيج من الإرث النبوي والتطور الحديث. فمن غزوتها الأولى، إلى موقع دفن السيدة آمنة بنت وهب، وصولًا إلى ما تشهده اليوم من تطورات، تظل الأبواء رمزًا للثبات والعطاء، تحمل بين طياتها قصص الإيمان والبطولة والخدمة الإنسانية، مما يجعلها جزءًا لا يُمحى من ذاكرة الأمة.

• عضو هيئة التدريس – جامعة الملك عبدالعزيز

أ.د. عصام بن إبراهيم أزهر

رئيس وحدة الكائنات المعدية مركز الملك فهد للبحوث الطبية جامعة الملك عبد العزيز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى