المقالات

السعودية تقود العالم في مكافحة الفساد: رئاسة شبكة العمليات العالمية إنجاز جديد لرؤية طموحة

في عالم يُكلّف فيه الفساد الاقتصاد العالمي تريليونات الدولارات، تقود المملكة العربية السعودية جهودًا دولية غير مسبوقة لتعزيز الشفافية والنزاهة، لتؤكد مكانتها كقوة رائدة في مكافحة الفساد عالميًا. يُعد الفساد من أخطر التحديات التي تواجه التنمية والاستقرار العالمي، إذ يعيق النمو الاقتصادي ويقوض الثقة في المؤسسات، مما دفع الدول إلى تبني سياسات صارمة لتعزيز النزاهة والشفافية. وفي هذا السياق، برزت المملكة العربية السعودية كرائدة عالميًا في مكافحة الفساد، بفضل استراتيجياتها الطموحة وإصلاحاتها الهيكلية. ويأتي اختيارها لرئاسة شبكة العمليات العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد للفترة 2025-2027م تتويجًا لهذه الجهود، مما يعكس التقدير الدولي لنموذجها الفعّال في تعزيز النزاهة على المستويين الوطني والدولي. وجدير بالذكر أن الشبكة أكثر من 219 جهازًا معنيًا بإنفاذ القانون تمثل أكثر من 120 دولة، إضافة إلى العديد من الشبكات والمنظمات الدولية حول العالم.

ريادة سعودية في مكافحة الفساد: نهج شامل واستراتيجية متقدمة.
لطالما أكدت المملكة التزامها بمحاربة الفساد من خلال منظومة تشريعية وإدارية صارمة، تهدف إلى تحقيق أعلى معايير النزاهة في المؤسسات الحكومية والخاصة. وقد انعكس ذلك إيجابيًا على بيئة الأعمال والاستثمار، حيث عززت المملكة من تنافسيتها الدولية ورفعت من مستوى الثقة في مؤسساتها الاقتصادية والإدارية. وفقًا لمؤشرات الشفافية الدولية، شهدت السعودية تحسنًا ملحوظًا في تصنيفات مكافحة الفساد، وهو ما يعكس نجاح الإصلاحات التي تم تبنيها في السنوات الأخيرة.
ومما يُدلل على جهود المملكة، الحملة الشاملة التي أُطلقت عام 2017م لمكافحة الفساد برئاسة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله -، والتي أسفرت عن استعادة مليارات الريالات إلى خزينة الدولة. كما تبنّت الحكومة السعودية آليات رقابية متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد المخالفات وتعزيز الشفافية في جميع المعاملات الحكومية. وفي هذا الإطار، واصلت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) ترسيخ النهج الإصلاحي من خلال آليات رقابية صارمة، لضمان استدامة هذه الجهود وتحقيق أعلى درجات الشفافية. كما أن هذه الإجراءات لم تقتصر على المملكة فقط، بل أصبحت مرجعية دولية في مكافحة الفساد، حيث تسعى العديد من الدول إلى الاستفادة من التجربة السعودية في مكافحة الفساد وتطبيقها في أنظمتها الرقابية.

نزاهة: درع السعودية ضد الفساد
تُعد هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) أحد الأعمدة الأساسية في مسيرة المملكة لمحاربة الفساد، حيث لعبت دورًا محوريًا في ضبط القضايا واتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة بحق المتورطين. ووفقًا للإحصائيات الرسمية، تمكنت الهيئة من التحقيق في آلاف القضايا خلال السنوات الأخيرة، مما يعكس جدية المملكة في عدم التسامح مع أي شكل من أشكال الفساد.
كما عززت السعودية تعاونها الدولي من خلال الانضمام إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة، مما جعلها مرجعية عالمية في مكافحة الفساد. ومن أبرز الاتفاقيات التي وقّعتها السعودية، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تعزز تبادل المعلومات والخبرات بين الدول لمواجهة الجرائم المالية والاقتصادية.
إضافة إلى ذلك، أنشأت السعودية آليات للتعاون مع هيئات رقابية دولية لضمان تنفيذ أعلى معايير الحوكمة والشفافية. وفي هذا السياق، أبرمت السعودية عدة اتفاقيات تعاون مع دول أخرى لتبادل الخبرات وبناء أنظمة رقابية أكثر كفاءة. هذا التعاون الدولي ساهم بشكل كبير في رفع مستوى الوعي العالمي بأهمية النهج السعودي في مكافحة الفساد.

رؤية 2030: استراتيجية وطنية لبيئة خالية من الفساد
تمثل رؤية 2030 ركيزة أساسية لإصلاحات المملكة، واضعة مكافحة الفساد في قلب استراتيجياتها للتحول الوطني. ومن خلال أهدافها الطموحة، تسعى المملكة إلى بناء بيئة قانونية وإدارية شاملة تضمن الشفافية وتعزز النزاهة على جميع الأصعدة.
وقد وضعت الرؤية مكافحة الفساد ضمن أولوياتها الأساسية، مشددة على ضرورة تحفيز القطاعين العام والخاص على تبني ممارسات تحترم معايير النزاهة والشفافية. وفي هذا السياق، أطلقت الحكومة السعودية العديد من المبادرات لتعزيز الحوكمة الرشيدة، مثل برنامج التحول الرقمي الحكومي، الذي يهدف إلى تقليل التدخل البشري في العمليات المالية والإدارية، مما يقلل فرص الفساد. كما تم تطوير منصات إلكترونية مثل “اعتماد” و“منصة وطنية للمشتريات الحكومية” لضمان أعلى مستويات الشفافية في العقود والمناقصات الحكومية.
وقد ساهمت هذه الإصلاحات في تحقيق تحسن ملحوظ في تصنيف المملكة بمؤشرات الشفافية الدولية، حيث تقدمت عدة مراكز خلال السنوات الأخيرة، وفقًا لتقارير المنظمات العالمية المتخصصة.
قيادة السعودية لشبكة العمليات: نقلة نوعية في التعاون الدولي
مع توليها رئاسة شبكة العمليات لمكافحة الفساد، تسعى المملكة إلى تعزيز التعاون الدولي في تبادل المعلومات والخبرات، ودعم بناء القدرات المؤسسية لمكافحة الفساد على نطاق عالمي. كما تركز على تطوير آليات عمل أكثر كفاءة وفاعلية لضمان تحقيق العدالة وتعزيز النزاهة في كافة القطاعات.
من ضمن المبادرات التي تتبناها المملكة في إطار رئاستها للشبكة، تقديم الدعم الفني للدول النامية في مجال مكافحة الفساد، بالإضافة إلى تطوير منصات إلكترونية لتبادل البيانات والمعلومات بين الهيئات المختصة عالميًا.
وقد بدأت بعض الدول في الاستفادة من هذه المبادرات السعودية، مما يعكس الدور القيادي للمملكة في هذا المجال. وتمنح هذه الرئاسة السعودية منصة قيادية لتوجيه الجهود الدولية نحو حلول أكثر تطورًا في مواجهة الفساد، مما يساهم في تحقيق التنمية العادلة وتعزيز استدامتها.
التزام سعودي بمستقبل نزيه: ريادة في الشفافية
تسعى المملكة العربية السعودية إلى ترسيخ نموذج عالمي في مكافحة الفساد يتجاوز حدودها الوطنية. من خلال قيادتها لشبكة العمليات العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد للفترة 2025-2027م، تواصل المملكة تعزيز مكانتها كدولة رائدة في تعزيز النزاهة والشفافية بما يتماشى مع رؤيتها الطموحة لمستقبل أكثر عدالة.
هذه الجهود المتكاملة تجعل من المملكة قوة محورية في مكافحة الفساد، ليس فقط لحماية مصالحها الوطنية، بل أيضًا للمساهمة في بناء عالم أكثر نزاهة واستدامة، حيث أصبحت المملكة نموذجًا يُحتذى به وركيزة أساسية لتحقيق العدالة والتنمية على مستوى العالم.
حفظ الله المملكة وقادتها وشعبها، وأدام عزها ومجدها ووحدتها، وجعلها ذخراً للإسلام والمسلمين.
أستاذ القانون الدولي – جامعة جدة
# سياسي – دولي – دبلوماسي

د. محمد بن سليمان الأنصاري

أستاذ القانون الدولي - جامعة جدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى