ببالغ التقدير والاحترام، تابعنا – كما تابع غيرنا – الخطوة الرائعة لافتتاح مشروع التاكسي البحري بجدة، ذلك المشروع المميز الذي سيكون إضافة سياحية في المقام الأول، مما يعزز مفهوم السياحة البحرية في جدة. كل الشكر والتقدير لوزارة النقل والخدمات اللوجستية، وأمانة جدة، والهيئة العامة للنقل، وكل من كان خلف هذا المشروع.
لقد صاحَب المشروع نقلة نوعية في الدعاية والإعلان، التي جاءت مميزة كتميز المشروع نفسه، بل وشهدنا تفاعل المجتمع مع هذه الخطوة انطلاقًا من مبدأ الفرح بهذا الإنجاز. وهذه خطوات إيجابية تُحسب لوزارة النقل وأمانة جدة على هذه النقلة النوعية التي انتظرناها لسنوات. إلا أن الملفت للنظر هو السعر الذي أُعلن عنه عند الافتتاح.
ومن هنا، ومع كامل التقدير لكل من كان خلف هذا المشروع الرائع، أود الإشارة إلى أنني أتمنى ألا يُنظر إليه بنظرة ربحية من قِبَل المشغل، إذ نعلم أن تكاليف إنشائه كانت كبيرة، ولا شك أن تكاليف تشغيله اليومية ستكون كذلك. ومن المعروف عالميًا أن مشاريع المواصلات لا تهدف إلى تحقيق أرباح ضخمة، بل تُعد خدمة تقدمها الدول لمواطنيها والمقيمين على أراضيها.
فعلى سبيل المثال، مترو باريس ومترو لندن وغيرها من المشاريع لا تحقق أرباحًا عالية، رغم الإقبال الهائل وعشرات – بل مئات – الملايين الذين يستخدمونها سنويًا، ولا أتصور أنها تحقق عوائد تغطي تكاليفها بالكامل. وكذلك، مترو الرياض من غير المتوقع أن يحقق أرباحًا تقابل تكاليف الإنشاء والتشغيل اليومي، إلا أن القيادة – أعزها الله – والدولة – حفظها الله من كل مكروه – اعتبرته خدمة للمواطن والمقيم.
لذلك، أتمنى إعادة دراسة رسوم 50 ريالًا في الاتجاه الواحد (التي أُعلن عنها عند الافتتاح)، وآمل ألا يكون هذا السعر صحيحًا، حيث أرى أنه مبلغ مرتفع نسبيًا على الفئات المتوسطة وأقل من المتوسطة من المواطنين والمقيمين. وفي الوقت ذاته، لا أعتقد أن هذا السعر سيحقق أرباحًا تعوض تكاليف التأسيس والتشغيل اليومي. كما أن الكثير من الأسر قد تستخدم التاكسي البحري لأول مرة بدافع التجربة السياحية، لكنها قد لا تكرر ذلك مجددًا، نظرًا للتكلفة المرتفعة.
كذلك، لا أرى أن الأسر ستستخدم هذه الخدمة كوسيلة تنقل يومي بهذه الأسعار، فأسرة مكونة من أربعة أشخاص ستحتاج إلى 400 ريال ذهابًا وإيابًا من مركز اليخوت إلى البلد، وهو مبلغ مرتفع مقارنة بوسائل النقل الأخرى المتاحة، مثل السيارات الخاصة، وتطبيقات النقل (التي يزيد عددها عن 6 أو 7 تطبيقات)، والتاكسي الأخضر، والليموزين الأبيض، وحتى الحافلات العامة.
والسلام ختام،
* المستشار في مجال السفر والسياحة – جدة