المحلية

الهيئة الدائمة لحقوق الإنسان: لا للتمييز العنصري.. وندعم تجريم الإسلاموفوبيا والانتهاكات ضد الفلسطينيين

جدة- انضمت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامي إلى المجتمع الدولي في الاحتفاء باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري 2025، مؤكدة على أهمية الاعتراف بجميع أشكال العنصرية في جميع أنحاء العالم. وإذ تُحيي الهيئة هذا اليوم المهم، فإنها تتضامن مع جميع الأفراد والمجتمعات حول العالم الذين لا يزالون يواجهون ويلات العنصرية المؤسسية وكراهية الأجانب وما يتصل بها من ظلم.

ويعتبر الإسلام أول دين يرسي حقوقًا أساسية عالمية للإنسانية، والتي يجب مراعاتها واحترامها في جميع الظروف. حيث يدعو الإسلام إلى المساواة الكاملة بين البشر بغض النظر عن عرقهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أصلهم العرقي، أو وضعهم الاجتماعي. ويحرم الإسلام التمييز العنصري تحريما مطلقا. ويولي “حقوق العباد” أهمية بالغة. وينص القرآن الكريم صراحةً على أن أكرم الناس هم المتقون، مؤكدًا أن الفضل في التقوى لا في العرق أو النسب. كما أن الأخلاق الفاضلة والعريقة، التي يرتكز عليها أقدم ميثاق لحقوق الإنسان في الإسلام؛ “ميثاق المدينة”، بالإضافة إلى خطبة الوداع لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قد أنهت أي أساس للتفوق العرقي وأكدت أنه “لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ إلا بالتقوى إنَّ أكرمَكم عند اللهِ أتقاكُم”. وقد تم اقتباس هذه المبادئ الإسلامية فيما بعد من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من صكوك حقوق الإنسان التي تؤكد أن جميع البشر متساوون في الكرامة والحقوق.

ويُعدّ التمييز العنصري انتهاكًا لحقوق الإنسان ومبادئ المساواة والإنصاف الأساسية. ويُحظر حظرًا مطلقًا، وينطبق على جميع المسائل المتعلقة بالحياة الخاصة والعامة، كما هو منصوص عليه في جميع الصكوك الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، وشرعة الحقوق، وإعلان وبرنامج عمل فيينا، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، إعلان وبرنامج عمل ديربان، إعلان القاهرة لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن حقوق الإنسان، أهداف التنمية المستدامة لأجندة 2030 وخطة العمل العشرية لمنظمة التعاون الإسلامي 2025.

كما أكدت الهيئة أن التمييز العنصري الذي يواجهه الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية وغزة يُمثل ظلمًا جسيمًا يقوض مبادئ المساواة والكرامة الإنسانية. وتُبرز التقارير الموثقة عن التمييز المنهجي، والقيود على الحركة، وعدم المساواة في الوصول إلى الموارد، الطبيعة المتفشية والهيكلية لهذا التمييز الجسيم والفصل العنصري الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. ويرتبط التمييز العنصري الذي يواجهه الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي ارتباطًا وثيقًا بالسياق الأوسع للإبادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل في قطاع غزة. حيث تُجسد الاعتداءات العسكرية المستمرة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي أودت بحياة الآلاف وتسببت في دمار واسع النطاق، أسوأ أشكال العنف والقمع المنهجي الذي يواجهه الفلسطينيون. وتُفاقم هذه الأعمال الأزمة الإنسانية في غزة، حيث يُعدّ المدنيون، وخاصة النساء الأطفال، الضحايا الرئيسيون للهمجية الإسرائيلية. ويتطلب التصدي لهذه المظالم جهدًا متضافرًا لإحقاق القانون الدولي وضمان المساءلة عن الأفعال التي تُديم المعاناة وعدم المساواة ضد الفلسطينيين، بما في ذلك محاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي على جرائم الحرب التي ارتكبتها.

وعلى الرغم من الجهود العالمية المبذولة، لا يزال التمييز العنصري يتفاقم بأشكال مختلفة حول العالم، بما في ذلك الإسلاموفوبيا، العنصرية الممنهجة على أساس الجنس، الخوارزميات المتحيزة في استخدام التقنيات، جرائم الكراهية على الإنترنت والممارسات الاقصائية. إن الارتفاع المثير للقلق في ظاهرة الإسلاموفوبيا كشكل حديث من أشكال التمييز العنصري يعرض الأقليات المسلمة للتحيز والنمطية والعنف. كما لا يزال المنحدرون من أصل أفريقي، كامتدادٍ للعواقب الدائمة للعبودية والاستعمار، يعانون من الإقصاء والفقر نتيجةً لأشكالٍ متداخلة من التمييز. ورغم بعض التقدم المحرز في مجال الحقوق المدنية والاقتصادية، لا يزالون يواجهون، بشكلٍ مباشر وغير مباشر، بحكم الواقع وبحكم القانون، تفاوتاتٍ في الدخل، وفي فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية، وفي فرص العمل المتساوية والعدالة. كما أكدت الهيئة على أن العنصرية تؤثر بشكل غير متناسب على النساء والفتيات بسبب الصور النمطية والتحيزات المتعلقة بالعرق والجنس والتي تساهم في زيادة العبء المزدوج الذي يسبب حواجز ممنهجة في التعليم والتوظيف والرعاية الصحية ويعرضهن للعنف وجرائم الكراهية. كما تُرسّخ الصور النمطية والتصورات السلبية في وسائل الإعلام هذه التحيزات، مما يُسهم في استمرار الأحكام المسبقة الضارة. هذه القضايا لا تنتهك حقوق الإنسان الأساسية فحسب، بل تعيق أيضًا الجهود المبذولة لتعزيز مجتمعات منسجمة ومندمجة.

كما أكدت الهيئة أن الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لعبت دورا فعالا في وضع معايير معيارية تساهم في مكافحة العنصرية. حيث إن جميع الدول الأعضاء تقريبًا أطراف في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وتفي بصفتها الوطنية، بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان بتنفيذ سياسات عدم التمييز المنصوص عليها في المادة 3 من الاتفاقية التي تدين “الفصل العنصري والفصل العنصري، وتتعهد بمنع جميع الممارسات من هذا النوع وحظرها والقضاء عليها في الأراضي الخاضعة لولايتها القضائية”. وفي هذا الصدد، اعتمدت الهيئة وثيقة ختامية شاملة حول موضوع “القضاء على التمييز العنصري: المنظور الإسلامي ومنظور حقوق الإنسان” وذلك لتوفير خارطة طريق للتعاون الفعّال مع الدول الأعضاء والمجتمع المدني والهيئات الدولية لرفع مستوى الوعي، واقتراح استراتيجيات عملية، وتقديم التوجيه بشأن مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ولمكافحة التمييز العنصري، بما في ذلك الإسلاموفوبيا، تحث الهيئة الدول الأعضاء على: (1) سن وتطبيق قوانين شاملة لمكافحة التمييز تعالج العنصرية الممنهجة والفردية؛ (2) تعزيز المناهج التعليمية التي تؤكد على التنوع والقيم الإنسانية المشتركة؛ (3) تنفيذ حملات المناصرة؛ (4) تسهيل الحوار الهادف بين الأديان والثقافات لبناء جسور التفاهم والتعاون؛ (5) تعزيز التعاون الدولي لمحاسبة أولئك الذين يرتكبون جرائم الكراهية العنصرية والعنف؛ (6) تزويد المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بآليات الإبلاغ والانتصاف لضحايا التمييز العنصري لتحقيق العدالة السريعة من أجل إدراك حقوقهم؛ (ز) دعم اعتماد اتفاقية ملزمة قانوناً بشأن الحق في التنمية للقضاء على الأسباب الجذرية للعنصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى