المقالات

التخلص من هيمنة “السوشيال ميديا”

هل يمكننا التخلص من استحواذ الإعلام الجديد على اهتمامنا وإدماننا لمتابعة قنوات تواصله المتعددة؟ هل نملك الإرادة للابتعاد عن المشاركة والتعليق والتغريد، ومتابعة الأخبار وما ينقل إلينا من أفكار وآراء يطول فيها الجدال والحوار؟ ألسنا نقع تحت تأثير سحر “السوشيال ميديا” (Social Media) بكل ما تحمله من إيجابيات وسلبيات وإشكاليات، حيث تتحكم في مشاعرنا وردود أفعالنا، وتؤثر على سلوكياتنا بكل ما يصل إلينا ويستفزنا سلبًا أو إيجابًا؟

يبدو أن الأمر صعب على الكثير منا، فالإدمان على كل المنبهات والمُكيّفات ليس بالأمر الهيّن! إذ سنشعر بالانعزال والانفصال عن العالم والناس. ولكن الفائز في كسب رهان التخلص من هذا الإدمان العقلي، المسيطر على تفكيرنا وأحاديثنا، سيشعر حتمًا بالطمأنينة وراحة البال.

قرأتُ مؤخرًا بعض الأوراق التي طُرحت للنقاش في ندوة عُقدت في أحد الملتقيات الثقافية الخليجية، وكان الموضوع المطروح للنقاش: وسائل التواصل الاجتماعي – التطبيقات والإشكاليات المنهجية. وهي قضية مهمة في عصرٍ نعاني فيه من سلبيات تلك الثورة التقنية وإشكالياتها، إلى حد أننا نحيل إليها كل ما نحن فيه من أزمات ومحن. وهذا ما أكده المتحاورون المشاركون في الملتقى، حيث إن وسائل “السوشيال ميديا” تُعد من أهم خصائص ثورة الويب التي غيّرت بنية الإعلام الجديد، وأحدثت تغييرات جذرية في البنية الاجتماعية، والأخلاقيات، والسلوكيات التي تأثر بها جيل “السوشيال ميديا” وفضاءات التقنية ومنصاتها المتعددة.

الحرية الكاملة هي أن نتحرك ضمن القوانين الطبيعية التي تمكننا من اتخاذ قراراتنا الشخصية، بما يخدم المجتمع، في إطار حقوق مضمونة وممنوحة دون قيود، وبما لا يتعارض مع حقوق الآخرين. كما قال فولتير: “أنا لا أتفق معكم في الرأي، ولكنني سأصارع من أجل أن تقولوا رأيكم بحرية”. فالحرية بمفهومها المطلق هي التحرر من القيود التي تُكبّل طاقات الإنسان وإنتاجه، ولكن لا بد أن ندرك تمامًا أن الحرية إذا لم تُضبط وتُقنّن، فإنها تنتج الفوضى والغوغائية.

لي تجربتي الخاصة خلال شهر رمضان، حيث قررتُ الابتعاد عن جميع وسائل “السوشيال ميديا” ومنصاتها المختلفة، وكأنه “صيام عن المشاهدة والكلام”، فتفرغتُ لتجليات رمضان وروحانيته. نجحتُ إلى حدٍّ ما، إذ لم يكن من الممكن الاستغناء تمامًا عن كل وسائل التواصل مع العالم من حولنا، لكنني اكتشفتُ أنني كنتُ واهِمًا بعض الشيء، إذ وجدتُ أن الابتعاد عن منصات “السوشيال ميديا” وما يصلنا منها عبر “الواي فاي” يعني انقطاع الاتصال والتواصل مع الآخرين والعالم المحيط بنا. ورغم ذلك، فقد استفدتُ كثيرًا، حيث تخلصتُ من التوتر والقلق، ونلتُ قدرًا كبيرًا من الراحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى